حين يطل حامد الغامدي، يأخذك إلى باحة من التأمل والإعجاب التي لا تشعر معها بتكلفه.. معادلة احترفها الغامدي منذ دخوله عالم الصورة التلفزيونية مذيعا في قناة الوطن الأولى بالتلفزيون السعودي، ومكنته من بلوغ الناس، بل ودخول أفئدتهم حين جمع بين الأداء الطبيعي واللغة الرصينة، لذلك تجده يقول "ليس من السهل الجمع بين موهبتي المذيع والمقدم". تنقل في صغره مع والده انطلاقا من الباحة في رحلات تجارية لبيع المكسرات.. كانت وجهتها المجتمع المكي، وهي المرحلة التي يصفها الغامدي بأنها الأكثر تأثيرا في شخصيته بتعرفه على جنسيات أخرى وثقافات جديدة. عرفه المجتمع السعودي والعالم العربي بوصفه نجما تلفزيونيا متألقا عبر برنامجه الشهير "سباق المشاهدين"، لكن الغامدي كان له سباق آخر مع المشاهد، من خلال إعداده وتقديمه العديد من البرامج في البدايات الأولى للتلفزيون السعودي، حين كان منجما لنخبة من الأسماء الإعلامية المرموقة التي شكلت في ذلك الوقت العصر الذهبي لشاشة الوطن الأولى. انطلق الغامدي في "مشوار الثلاثاء" مناقشا لقضايا الإنسان السعودي باستضافة مسؤولين من مختلف مناطق المملكة، ليخوض بعدها أولى تجاربه في برامج المسابقات ببرنامج "مسرح المسابقات"، وصولا إلى "سباق مع الساعة" التي أعلن بانقضاء آخر دقيقة منها انطلاقته إلى جامعة جنوب كاليفورنيا لينال فيها شهادة الماجستير في سياسة الإدارة الإعلامية.. تجربة قال عنها بعض زملائه إنها شكلت نقطة تحول في نظرة الغامدي للإعلام. لا شك في أنه وبعد عودته من أميركا كان يفكر جيدا فيما يمتلكه من موهبة وفيما ينقصه، أو بالأحرى فيما ينقص المشاهد للتلفزيون السعودي من غياب لبرنامج مسابقات متطور وجذاب، ليطل عام 1418 على المشاهدين بعبارته التي أصبحت أيقونة "سباق المشاهدين.. برنامج أنتم نجومه"، ليتوقف هذا السباق بعد ثماني سنوات من التألق، ليقال وقتها إن وزيرا معنيا أوقفه. وعلى الرغم من تأكيد الغامدي ب "أنه لا يوجد سبب لوقف البرنامج، وأن الإدارة وجدت أنه لابد أن يتوقف وهو في قمته"!! إلا أن المؤكد هو عودة البرنامج بتوجيه الوزير خوجة بعد أربع سنوات من التوقف. ثلاثة عقود، بل هي تزيد قليلا كان فيها الغامدي لاعبا محترفا في الإخلاص لشاشته الأم، واستطاع أن يهبها مساحة متميزة من المتابعة، امتدت حتى أرجاء الوطن العربي، في الوقت الذي كان فيه المحبطون يصفونها ب "غصب واحد"، لكنه لم يستسلم على الرغم من مغازلة العديد من القنوات الفضائية الصريحة له بتقديم عروض للانتقال إليها، إلا أن العديد من الأجيال الشابة الموهوبة في مجال الإعلام التلفزيوني وكأني بها ما زالت تبحث عن الغامدي لتراه مخلصا بوقوفه إلى جانبها في ورشة أو دورة تستزيد فيها من سابق خبرته الطويلة، أم إن الوقت لم يحن بعد؟