من غير الواضح ما إذا كان المسؤولون عن الرياضة السعودية يعملون بجد على تدارك وإنقاذ مايمكن إنقاذه، والحفاظ على مابقي من هيبة وقيمة للمملكة على المستوى الرياضي، فالفوضى التي تضرب بأطنابها كل مكان وجهة لاتزال هي سيدة الموقف وعلى كل الأصعدة، وفي مختلف الألعاب والأنشطة، بل وحتى في الأمور الإدارية والتنفيذية، حتى أصبح العمل في الرياضة أمراً غير مرغوب فيه، وهو ماصرح به العديد من المسؤولين إن في الأندية أو حتى في الاتحادات. يتحدث المسؤولون عن رغبة في التطوير والإصلاح والتجديد والعمل على رتق الثقوب، لكن ذلك لايبدو ملموساً على الأرض، فالنتائج تتدهور مع كل مشاركة لأي من ممثلي الوطن سواء كانوا فرقاً أو منتخبات، ولا بوادر حتى لتعليق الجرس ونفض غبار الكسل والإخفاقات ومحاسبة المخطئين وتجديد الدماء من خلال الزج بكوادر مميزة، ودعمها وتوفير الإمكانات المادية، فضلاً عن القدرة على تنظيم سير العمل في الاتحادات واللجان وحتى في الإدارة الحساسة في رعاية الشباب. خذوا على سبيل المثال، اتحاد كرة القدم، وهو الاتحاد الجديد المنتخب الذي ينتظر منه الرياضيون الأخذ بيد كرة القدم السعودية والقفز بها خطوة واحدة إلى الأمام على الأقل، فهذا الاتحاد لايبدو قادراً على ضبط الأمور على صعيد المنتخبات، بل وعجز حتى عن تكوين الهيبة والقيمة التي تدفع الأندية لاحترامه، هاهي الأندية ترفض مشاركة لاعبيها مع المنتخب الأولمبي في دورة ألعاب التضامن الإسلامي التي تدور رحاها الآن في مدن اندونيسية عدة، بحجة أن مظلة (فيفا) لاتغطي هذه البطولة، ما أوقع مدرب المنتخب الوطني خالد القروني وإدارته بحرج، حتى بات منتظراً أن يكون منتخب الوطن ضيف شرف ولقمة سائغة للفرق المشاركة. ضعف في اتحاد القدم وغموض وتناقضات في الرابطة.. وتسطيح في التعاطي الإعلامي في السابق كانت المنتخبات السعودية تقيم المعسكرات الطويلة والتي تصل لفترة شهرين، دون أن تنبس الأندية ببنت شفة، وهذا كله بسبب وجود اتحاد حازم يستطيع الوقوف بوجه هذه الأندية كافة مهما كانت ومهما كان القائمون عليها، وبالتالي فإن المحصلة من المشاركة في البطولة لن تكون سوى مزيد من التشويه للكرة السعودية. مقابل ذلك لاتلوح أدنى بارقة أمل فيما يتعلق بالمنتخب الأول، بعد أن اكتفت السعودية بتنظيم البطولة الودية الأخيرة، وأكرمت ضيوفها داخل الملعب، وآثرت الحصول على المركز الأخير بفضل تخبطات الجهاز الفني، وتدني الروح القتالية لدى اللاعبين، الذين لايبدو أنهم مهتمون بتمثيل المنتخب، إذ ظهر (فريق الوطن) بحال يرثى له، فيما لاتظهر أي إشارة تجاه إمكانية الخروج بنتيجة إيجابية أمام العراق التي ستستضيف منتخبنا بعد أقل من شهر في العاصمة الأردنية (عمّان). والنظرة هذه وإن بدت تشاؤمية فإنها لاتعبر إلا عن واقع تشهده الكرة السعودية، ومع كل أسف يتواكب هذا الانهيار مع انحدار في مستوى النقد والطرح تمثل بتسطيح القضايا من قبل كثيرين يمثلون الإعلام، ولعل حادثة (العكاز) الشهيرة والتي وصل الأمر من خلالها إلى تجييش الجماهير وشحنها تجاه سالم الدوسري وناديه الهلال، رغم أن هذه الحادثة تكررت مع ظهير النصر خالد الغامدي في 2011، ونحن هنا لانناقش أمراً مرتبطاً بلاعبين يمثلان ناديين متنافسين، ولكننا نتحدث عن أزمة حقيقية في الشارع الرياضي، تتمثل بتأويل الأمور بحسب الأهواء والميول، فيما المنتخب السعودي غارق بنتائج سيئة وعطاءات أسوأ. ضعف في اتحاد القدم وغموض وتناقضات في الرابطة.. وتسطيح في التعاطي الإعلامي الأمر لايقتصر على اتحاد كرة القدم والمنتخبات وحدها، بل يمتد إلى رابطة دوري المحترفين، والتي شهد عملها تحسناً طفيفاً على الأقل لمن يتابع عبر الصحف ووسائل الإعلام، إلا أنها سرعان ماعادت للأسلوب القديم، والذي يكشف عن عدم وضوح في الرؤية الإدارية والجوانب المالية، فالرابطة والتي أقرت مساواة الأندية بالحصول على حقوق عقد رعاية الدوري وبقية الحقوق المالية، تراجعت عن ذلك بقرار من رئيسها محمد النويصر، على رغم إقرار توزيع الحصص المالية بالتساوي وبإجماع الأعضاء بعد تصويتهم بحضور النويصر نفسه، وهو القرار الذي لايبدو مفهوماً ولاحتى مبرراً، خصوصاً في ظل تعهدات مسيري الرابطة بقيادة النويصر على الأخذ بالقرارات التي يقرها ممثلو الأندية الأعضاء في الرابطة، في حين لم تودع الرابطة المخصص الشهري والبالغ 460 ألف ريال لكل ناد، وهو المخصص الذي من المقرر تأمينه للأندية مطلع سبتمبر الجاري، أسوة بما أودعته الرابطة مطلع أغسطس الفائت..!! الإخفاقات لم تتوقف على كرة القدم فحسب، بل أخذت نصيبها من اتحاد كرة السلة الذي واصل إخفاقاته في مختلف المشاركات القارية، فبعد الظهور الهزيل في بطولة آسيا للمنتخبات والتي أقيمت في الفلبين والذي توجه المنتخب بخروج مذل من الدور الأول وبثلاث خسائر من أمام تايوان والأردن والفلبين تذيل بها مجموعته الأولى، خرج المنتخب من دورة ألعاب التضامن الإسلامي بعد ثلاث خسائر قاسية من أمام منتخبي تركيا وإندونيسيا قبل الخروج على يد المنتخب الفلسطيني، والخسارة الثالثة، أثارت غضب واستياء المتابعين باعتبارها جاءت من أمام فريق متواضع القدرات، فضلاً عن أنه من شبه المستحيل تجهيز منتخب قادر على المنافسة في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها الفلسطينيون. فلسطين كشفت ضياع السلة.. والأمل مرتبط بثلاث ألعاب فقط..! أذيال الهزيمة باتت تُجر من كل مكان إلى المملكة، وماينطبق على اتحاد السلة ينسحب على بقية الاتحادات النائمة، وكالعادة ستظل الرياضة السعودية متمسكة بخيط أمل من خلال مشاركات منتخب قفز الحواجز الذي يلقى دعماً واهتماماً مختلفين بعيداً عن اللجنة الأولمبية السعودية، وكذلك منتخب الكاراتيه الذي لايزال يقاوم كل الإحباطات ويحقق المنجزات، بالإضافة لمنتخب ألعاب القوى الذي حافظ على شيء من هيبته. تعيش الرياضة السعودية أوهن فتراتها طوال تاريخها، بل إن النكبات والإخفاقات تتواصل، وسط صمت مطبق، واكتفاء بالوعود والتنظير وخلق أعذار واهية تتعلق بالجوانب المالية وضعف المخصصات وهذه كذبة نحن من ابتدعها وصدقها، ولكن حتى وإن تجاوزناها وقلنا إن هذاصحيح فإن العلة الأساسية التي دفعت رياضتنا لهذا القاع لاتبدو مرتبطة بالجوانب المالية وحدها بقدر ماهي تتعلق بالإدارة المالية، والتنظيم الإداري والعمل على ضخ الخبرات والقدرات ومنحها الإمكانات والصلاحيات كاملة، فالميزانية المخصصة لرعاية الشباب، والتي يذهب جزء لايستهان به منها إلى بنود الصيانة والتشغيل، لم تفلح حتى في إخراج المنشآت الرياضية بصورة مقبولة، فأعمال الصيانة والتشييد للمنشآت الرياضية تسير ببطء شديد وضعف في الجودة، وهذا كافٍ لإيضاح مكامن الخلل. لقد وصل الشارع الرياضي السعودي إلى مرحلة اليأس من كل شيء يتعلق بالرياضة، ولم يعد أدنى ارتباط بين الفرحة بالمنجزات وهذا الشارع، بل إن مطالب الرياضيين لاتتعدى وقف هذا النزيف الحاد، فضلاً عن العودة للعصر الذهبي لرياضة الوطن. المنتخب السعودي.. تراجع مستمر