أزمات مالية، حقوق اختفت فجأة ولا يعرف أين ذهبت، مباريات تقام تحت نصف أضواء كاشفة، حكم رابع لم يجد لوحة الكترونية ولا حتى خشبية لإجراء تبديل اثناء إحدى المباريات، رئيس نادٍ يصيح بأعلى صوته متذمراً من أحوال ناديه المالية وآخر يصرخ ويقول "لسنا في السنغال حتى ندفع مقابل حصة تدريبية" هذه الأحداث ليست في دول مختلفة، ولم تحدث خلال أكثر من موسم، بل يشهدها مكان واحد، وفي موسم واحد لم ينقضِ نصفه حتى الآن. كشفت "دنيا الرياضة" في عدد الثلاثاء الماضي عن طلب رؤساء أندية دوري "زين" لعقد اجتماع طارئ مع الرابطة قبل مباراة المنتخب مع الأرجنتين التي ستلعب في ال14 من نوفمبر الجاري لمناقشة وفتح الملفات المالية ومناقشة حصة الأندية من المبالغ التي تدخل خزينة الرابطة، وهي خطوة تحسب لأعضاء الرابطة الذين يسعون لحفظ حقوق أنديتهم وخصوصاً من العقود التي تبرمها الرابطة، في ظل عدم وفائها والتزامها بالوعود التي أطلقتها في الاجتماع ما قبل الماضي حين كشفت عن ميزانيتها، ووعدت الأندية بصرف مبلغ نصف مليون ريال يودع بشكل شهري في حسابات أندية الدوري، وهو الوعد الذي لحق بغيره من الوعود دون أن يجد المتابع أي مبرر. لماذا صرف نصيب فرق «ركاء» من الرعاية.. ولم يصرف في دوري «زين» يشكل مبلغ اربعة ملايين ريال جزءاً كبيراً من ميزانيات جل أندية دوري "زين" وهو مبلغ كاف لسد رمقها لفترة طويلة ولتلبية احتياجاتها، لكن لايبدو أن اتحاد الكرة ورابطة دوري المحترفين يشعران بمعاناة الأندية أو يتلمسان احتياجاتها وهو جزء من معاناة الكرة السعودية، وعندما نتحدث عن مبلغ الاربعة ملايين ريال فالمقصود هو المبلغ الذي يمثل حصة كل نادٍ من حقوق النقل التلفزيوني عن الموسم قبل الماضي، وهو الذي ذهب بحسب مانشرته "دنيا الرياضة" في عدد الأربعاء الماضي لبنود تخص إعداد المنتخب السعودي الذي فشل في الوصول إلى الدور الثاني من التصفيات المؤهلة إلى "مونديال 2014" وهو تصرف يشكل مخالفة صريحة للأنظمة، فضلاً عن أنه يساهم في تضييق الخناق على المكون الرئيسي للرياضة والمنتخبات الوطنية، وهو ما ينم عن ضيق في أفق متخذ القرار، الذي كان لزاماً عليه أن يحمي الأندية ويوجد حلول لإدارة المنتخبات بدلاً من أن يزيد طين فقر الأندية بلة. لم يتخذ اتحاد الكرة السابق كما يتردد قرار تحويل أموال الأندية للمنتخبات وحسب، بل ذهب للتسويف وتمييع القضية، ولم يبدِ أي ردة فعل على ماطرح، ضارباً بالأندية والأنظمة التي تكفل للأندية تصعيد الموضوع عرض الحائط، إذا لم ينفِ اتحاد الكرة أو يؤكد حدوث ذلك، حتى وإن حاول في المرة الأولى رمي التهمة على "art" التي نفى مسؤولوها التأخر في دفع المستحقات، وحتى اللجنة المكلفة التي يقودها أعضاء الاتحاد السابق لم تقدم أي مبررات لضياع حقوق هذه الأندية، فيما لا يُعلم إن كان أعضاء الاتحاد السابق وقعوا إقراراً للذمة المالية وكشفوا عن مصير هذه الأموال أم لا؟.. وفي المقابل لم تتحرك رابطة دوري المحترفين، ولم تعلق على ماحدث، مكتفية بأن حقوق الأندية ليست لديها، متناسية أن حفظ حقوق الأندية وحماية أموالها من أهم واجبات الرابطة، وعندما نقيس توجه الرابطة سابقاً لحفظ وتسجيل شعارات الأندية وهو الذي لم يحدث، عندما نقيسه بمسألة تأخر أموال الأندية وضياعها، فإن الهدف في كلتا الحالتين هو حماية مصالح الأندية، فماالذي جعل الرابطة تتحرك في اتجاه وتقف عاجزة في الاتجاه الآخر، إذ على الرغم من أنها لم تنجح في كلتا الحالتين، غير أنها على الأقل كسبت شرف المحاولة في قضية شعارات الأندية. يقدر الرياضيون الأفكار والخطط التي يخرج بها مسؤولو الرابطة وهي أفكار رائعة لو وجد نصفها مكاناً على أرض الواقع لتغير شكل الدوري والكرة السعودية، لكن المسؤولين أنفسهم يتجاوزون أموراً مهمة ويذهبون لإنجاز ماهو أقل أهمية، ولن تكون آخر هذه الأفكار مسألة إقامة كأس السوبر في دولة خليجية، إذ كان المنتظر من المجتهد محمد النويصر أن يسوق للشارع الرياضي عدداً من الحلول لإعادة الجماهير إلى الملاعب والحفاظ على ماتبقى منها، إذ ليس من المعقول أن يبلغ عدد الجماهير الحاضرة لمباراة قوية تشكل نتيجة أهمية كبيرة في السباق على صدارة الدوري مثل مواجهة الهلال والشباب ماينيف على اربعة آلاف متفرج فقط، ومن ثم نقرأ عن فكرة إقامة كأس السوبر خارج السعودية. وليست ببعيدة رابطة دوري الدرجة الأولى، والذي يضم أندية وجدت نفسها فجأة محترفة، إذ يشهد الدوري أحداثاً كشفت عن أن اتخاذ قرار اتحاد الكرة بوضع الدوري تحت مظلة رابطة كان متعجلاً وخاطئاً، ولعل ما أظهرته كاميرات التلفزيون في مباراة سدوس والعروبة من غياب لوحة استبدال اللاعبين، وعدم تشغيل إنارة الملعب بطاقتها القانونية، وربما تحدث أمور عدة بعيداً عن الكواليس بسبب عدم نقل جميع المباريات، ناهيك عن ضعف الجانب التسويقي للدوري الذي جعل الرابطة تقبل برقم متواضع، إذ كان من المؤمل أن نشهد رعاة عدة للدوري، ولكن الرابطة اكتفت براعٍ واحد قدم مبلغاً ضعيفاً للغاية، وهو الراعي الذي أنقذ الدوري من الافلاس. وبالنظر إلى عقود الرعاية، فإن ثمة تساؤلاً يبدو منطقياً ويتعلق بالإفصاح عن قيمة العقود، وتوزيع عائداتها على الأندية، إذ أفصحت الرابطة عن عقدها مع "ركاء" ولم تفصح عن عقودها مع "زين" و"تويوتا" و"ماستركارد" و"طيران الامارات" بحجة أن الشركات الأربع ترفض الإفصاح، وهو مايمكن تجاوزه، لكن من غير المعقول تحصل فرق "زين" على حقها من الرعاية فيما تُحرم فرق "زين" من حصتها من هذه العقود، بحجة أن العقد مع الرابطة وليس مع الأندية، فماالذي تغير بين العقدين مع الأخذ بالاعتبار تواضع الأول وضخامة الثاني؟؟ أخيراً، تعيش الأندية أوضاعاً صعبة، وزادت من أوضاعها تعقيداً رابطتا الأندية المحترفة اللتان تعملان وفق اجتهادات تسببت في العديد من الأخطاء فضلاً عن عدم وجود البيئة المناسبة لتطبيق الاحتراف الذي أصبح كالثوب الوسيع الذي ضاعت فيه ملامح بطولتي الدوري، فأي مصير ينتظر مسابقتي الدوري لدينا؟ وأي نهاية آلت إليها حقوق الأندية من النقل التلفزيوني عن الموسم قبل الماضي في عقدها مع "ART"؟، وهل وقع أعضاء الاتحاد السابق إقرارات الذمة المالية؟، وهل ستتحرك الأندية لحفظ حقوقها؟، وماذا ستكون ردة فعل الأندية لو أبلغت بشكل رسمي بأنها لن تحصل على حقوقها؟.