من يُتابع تصريحات الشعراء يُلاحظ تفاوت قناعاتهم بالنسبة إلى إصدار الديوان المطبوع بشكل كبير وواضح، إذ ترى فئة من الشعراء ضرورة أو أهمية توثيقإنتاج كل مرحلة زمنية في ديوان مطبوع، حتى وإن كانت تلك المرحلة قصيرة نسبياً ولا تتجاوز الخمس السنوات، وهذه الفئة يُمثلها الشعراء الشباب الذين برزوا من خلال المجلات الشعبية، ووجدناهم يتسابقون على إصدار الدواوين التي تخرج في كثير من الأحيان فقيرة شعرياً وتجمع كل ما قاله الشاعر من هزيل وسمين، ودعوى التوثيق هذه كما يراها البعض ما هي إلا غطاء لاستغلال النجومية واستثمارها قبل فوات الأوان. وفي المُقابل هناك فئة من الشعراء تعتقد أن الديوان المطبوع هو تتويج لمسيرة الشاعر وينبغي أن يأتي إصداره في مرحلة مُتقدمة من عمر تجربة الشاعر، ويكون بمثابة التتويج لمشواره الشعري وأن يتضمن أجمل وأفضل ما تم انتقاؤه من قصائده، وكما هو مُلاحظ فإن هذا الاعتقاد هو السائد ونجد كثيراً من شعرائنا المبدعين يعزفون عن إصدار ديوان مطبوع برغم وجود كم جيد من القصائد المميزة التي أبدعوها على مدى سنوات طويلة، ومن هؤلاء من يعتقد بضرر إصدار الديوان المطبوع ويصفه بأنه "مقبرة الشاعر"، بمعنى أن صدوره يوحي للمتلقي بانتهاء القدرة على إبداع ما هو أفضل من القصائد التي يحويها الديوان. أعتقد أنه من الأنسب والأفضل للشاعر أن يتخذ موقفاً مُعتدلاً في مسألة الديوان المطبوع، لا يرفضه بشكل مُطلق ولا يظن بأن كل ما يكتبه وينشره في الصحف والمجلات صالح للخروج للقراء في دواوين تكون كثرتها مضرة بالشاعر وسمعته الشعرية أكثر من نفعها له، ومن المفترض عليه تحري اختيار الوقت المناسب لإصدار الديوان خاصة أن حدوث هذا الأمر يؤدي بلا شك لتعزيز حضوره لدى جمهور الشعر وفي وسائل الإعلام، أما في حالة حدوث العكس واستعجال إصدار الديوان من دون توفر مادة شعرية جيدة فسيكون الديوان مقبرة حقيقية لتجربة الشاعر، وسيفقد المتلقي أي رغبة في مُتابعة الشاعر أو البحث عن أي جديد له بعد ذلك. أخيراً يقول ناصر الحمادين: عطني وطن يشبه ملامحك وأروح أستوطنه لو بالاسم وانتمي له المشكلة إنك حياة وغذاء روح وأنت الوجود، أنت الأهل والقبيلة