شاعر مزج الحلم بالحقيقة ليخط لنفسه نهجا شعريا مختلفا، تعلم من مدرسة «دايم السيف» فنون الإبداع وأبحر في محيط القصيدة محملا بأحلام العاشق وشموخ الفارس. عشق الخيل والطير والسفر، واستطاع أن يختزل الكلمات بعين الصقر الذي لا يرضى سوى القمم مقرا له، انطلق إعلاميا من قصيدته المميزة في عملاق الشعر وشاعر الطبيعة والخيال على حد وصفه الأمير خالد الفيصل، مؤكدا أنه تعلم من مدرسة «دايم السيف» الشيء الكثير. باح لنا في هذا اللقاء بالكثير من أسراره ووجه رسائله الجريئة إلى من يشتري الشعر وإلى نقاد الأغنية وشعراء الضوء المزيفين، فماذا قال ل«عكاظ» صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن ممدوح بن عبد العزيز، في أول لقاء له عبر وسائل الإعلام. • لماذا اخترت بداية ظهورك الإعلامي من خلال قصيدتك الموجهة إلى الأمير خالد الفيصل؟ شخصية الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة نادرة الوجود، بل إنها تفرض على أي شاعر اقترب من تفاصيل حياة الأمير خالد أن يتولع بها ويسطرها أبياتا شعرية، ولا أخفيك عن مدى احترامي للأمير خالد الذي أرى فيه شخصية والده، جدي الملك فيصل رحمه الله. ولقد اكتشفت الكثير في شخصية الأمير الفارس والشاعر والرسام خالد الفيصل في عدد من المواقف التي جمعتني به خلال السنوات الثلاث الماضية، ويكفيه فخرا أنه نجل الملك النبيه والحكيم فيصل بن عبدالعزيز. وبما أن الشاعر خالد الفيصل أحد عمالقة الشعر الشعبي بلا منازع، فقد اخترت أن يكون أول ظهوري إعلاميا متوجا بقصيدة إلى «دايم السيف». • لماذا لم تختر اسما مستعارا في أول ظهور إعلامي لك؟ الأسماء المستعارة قد تستخدم في القصائد المغناة، خاصة عندما يكون صاحب القصيدة ذا منصب كبير، أو مسؤولا ولا يريد الظهور إعلاميا، هذا من جانب، إما فيما يتعلق بالقصائد الشعرية التي تنشر في وسائل الإعلام المطبوعة وتظهر تحت أسماء مستعارة فأرى من منظور شخصي أن ذلك يعود إلى عدم ثقة الشاعر في قصائده، وأكرر: هناك بعض المواقف التي تفرض على الشاعر الكتابة بالاسم المستعار وهذا يعتمد على مناسبة القصيدة. • هل تعتقد أن الشعر وراثة؟ في هذا الزمان.. لا أعتقد. • كيف نمت موهبة تركي بن طلال الشعرية؟ لا أخفيك أن والدي حفظه الله ليس بشاعر (يضحك)، ولكني من عشاق الشعر ومن المتابعين له منذ صغري ووجدت نفسي مهتما بكتابة الشعر، والشعر هو إلهام تمتزج فيه الروح بالحلم والحقيقة والخيال فيتحول ذلك إلى كلمات شعرية متناسقة لا يستطيع كتابتها أي شاعر. • خالد الفيصل من أكثر الشخصيات الشعرية المؤثرة، فهل لإعجابك بشاعرية وشخصية دايم السيف دور في شاعريتك؟ أنا تعلمت الشعر في مدرسة دايم السيف، ولا أعتقد أن هناك شاعرا في هذا الزمان يمتلك الأسلوب والقوة الشعرية في المعنى التي يمتلكها الأمير خالد الفيصل، فهو يتميز بدمج الخيال والطبيعة في قصائده، بل أراه يرسم القصيدة كما ترسم اللوحة الفنية، وبكل صراحة هو شاعر أعجز أن أصفه في هذا الحوار، وأتمنى أن أرتقي إلى ذائقته المميزة. • متى بدأت محاولاتك في الشعر؟ كان ذلك في آخر المرحلة الابتدائية، ولا أصفها قصيدة وإنما محاولة عندما سافر أحد أصدقائي الأعزاء إلى سويسرا فكتبت قصيدة أعبر فيها عن اعتزازي بصداقته. • ما هي أول قصيدة كتبتها بعد مرحلة البدايات الأولى، وإلى من كانت؟ (صمت برهة يفكر).. أول قصيدة بعد محاولاتي البدائية، كتبتها في رثاء والد الجميع جدي الملك الراحل فهد بن عبد العزيز رحمه الله. • من اكتشف الشاعر تركي؟ اكتشف موهبتي الشعرية في بدايتها اثنان من المعلمين هما أيسر العمري وأكرم البرغوثي اللذان كانا يشرفان على دراستي، وهنا أقدم لهما الشكر الجزيل على دعمهما لي وتشجيعي حتى استطعت أن أبدأ الكتابة الشعرية بشكل جيد، حيث تعلمت منهما أبجديات الكتابة الشعرية وكيفية وزن الأبيات والبحث عن الكلمات ذات المعنى الجزيل والقوي من خلال التوسع في قراءة الكتب، فشكرا لهما. • وهل عرضت قصائدك على شعراء كبار؟ نعم.. حتى استنير برأيهم فيما اكتب. • من هم؟ قدمت قصيدة إلى الشاعر الكبير خالد الفيصل، وتشرفت أن أهديته إحدى قصائدي، وكانت محل إعجابه والحمد لله. • متى نرى الشاعر تركي في إحدى الأمسيات؟ حلم أي شاعر أن يظهر في أمسية شعرية، ولكن ليس من المنطق أن يظهر الشاعر في أمسية في الوقت الذي لا يعرف عنه الجهور أي شيء، وأنا أرى أن الوقت ما زال مبكرا لظهوري في الأمسيات الشعرية، لا سيما أنني الآن في صدد إصدار ديوان شعري أضم فيه كل قصائدي ليكون أول انطلاقة للشاعر تركي مع الجمهور ومحبي الشعر الشعبي. • هل تشاهد مسابقات الشعر في الفضائيات؟ لا. • لماذا؟ أنا ضد هذه المسابقات، وهنا أتذكر ما قاله الأمير بدر بن عبد المحسن في أمسيته عام 2002 في جامعة الملك عبد العزيز «الشاعر اليوم يبحث عن النجومية والشهرة.. ولكن فيما مضى الشاعر كان يبحث عن مستوى الرقي في شعره»، الآن الشعراء يكتبون القصائد من أجل الشهرة والمال، وأنا أرفض هذا المبدأ في الشعر وهذا النوع من الشعراء. • ما هي الأسماء الشعرية التي أثرت فيك؟ هناك العديد من الشعراء الذين استمتع بقراءة قصائدهم وأنهل منها لتغذية قريحتي الشعرية، وفي مقدمتهم الأمير خالد الفيصل فهو المحفز الأول لكتابتي القصائد، كما أنني أعجب بقصائد الشعراء؛ الأمير سعود بن محمد، بدر بن عبد المحسن، سعد بن سعود بن محمد، عبدالرحمن بن مساعد، خلف بن هذال، وهناك العديد من الأسماء، فعذرا لمن لم أذكره. • في ظل الانفتاح الفضائي كيف ترى الشعر؟ أنا أستغرب غياب النقاد عما يحدث في الفضائيات من إساءة بالغة للشعر والشعراء، فمنذ عشر سنوات تقريبا، بدأنا نشاهد شعرا ونسمع قصائد لا تحركها سوى المادة، وما يؤكد ذلك أنها باتت تتحدث عن الجوال والسيارة، وهذا شعر متدن للغاية ولا يستحق أن يطلق على كاتبه لقب شاعر، وهنا أشير إلى ما قاله الشاعر الكبير الأمير عبد الرحمن بن مساعد في إحدى قصائده عندما قال (اكتب شطر تصير شاعر)، فالشعر إما أن يرتقي بصاحبه أو يقذف به إلى محيط الإسفاف. • هل لديكم خطة للظهور إعلاميا إلى الجمهور؟ ليست لدي خطة إعلامية، ولكني أسعى لتقديم قصائد تكون محل إعجاب الجمهور من خلال إصدار ديواني الأول، ومن ثم أترك التقييم للجمهور فهم الداعم الأول لنجاح أي شاعر، فإما الاستمرار والنجاح، أو التلاشي. • كيف تنظرون إلى شعراء الضوء؟ بعض شعراء الضوء يظهرون للجمهور على حساب غيرهم، كما أن الإعلام ساهم بشكل كبير في تلميعهم وإظهارهم في زمن الماديات، واستطاع إبرازهم على الرغم من خداع بعضهم لجمهور الشعر، وأجزم أن محبي الشعر على يقين من اكتشاف شعراء الضوء المزيفين، وأنا هنا لا أعمم فهناك شعراء مميزون استطاعوا استقطاب الأضواء من خلال شاعريتهم الحقيقية التي منحتهم النجومية. • ظهرت في الآونة الأخيرة موضة شراء الشعر فكيف تنظر لذلك؟ أرى أن الشعور بالنقص لدى هذه الشخصيات هو أهم أسباب اللجوء إلى شراء الشعر، ولكن في المقابل استطاع هؤلاء المستشعرين المخادعين الظهور من خلال اللقاءات مدفوعة الثمن في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، وأعتقد أن هؤلاء لا يملكون من الموهبة سوى دفع تكلفة الإعلان. • ماهو أفضل أوبريت للجنادرية من وجهة نظرك؟ في رأيي الشخصي أن أفضل أوبريت خلال مسيرة الجنادرية هو أوبريت (التوحيد) الذي سطر كلماته التاريخية الأمير الشاعر خالد الفيصل. • آخر قصيدة كتبها الشاعر تركي؟ آخر قصائدي يقول مطلعها: يا عيون الزين يا بحر الغرام في سواحل رمشك لقلبي مقر أرسل النبضات أشواق وسلام ما اصبر لباكر.. أنا عفت الصبر • ماذا يعشق الشاعر تركي غير القصيد؟ أعشق الخيل والطيور والسفر. • هل تكتب الشعر الغنائي؟ أعتقد أن جميع القصائد الشعرية تغنى، ولا توجد قصيدة شعرية وأخرى غنائية، فكلها شعر، وجمال القصيدة وكلماتها الرائعة هو ما يؤهلها للغناء من عدمه. وفيما يتعلق بقصائدي المغناة، هناك تعاون مع أحد الفنانين بهدف غناء إحدى القصائد، ولكن ما زال الحديث عن ذلك مبكرا لأن العمل في بدايته، وستجدون في القريب إن شاء الله أغاني باسم تركي بن طلال. • هل ترى أن المرأة باتت تنافس الرجل في الشعر؟ الشعر لا يعترف بهوية الجنس، وإن كان الظهور الأكثر للشعراء الرجال، ومع ذلك فإننا نجد شاعرات لهن حضور جيد في ساحة الشعر الشعبي، ولكن مهما قدمت المرأة الشاعرة من قصائد فلن تصل إلى مستوى الرجل. • كلمة أخيرة. لدي رسالة إلى الإعلام الفني: أين النقاد عن الأغنية وتدهور مستوى الغناء والفن، فالأغنية أصحبت عرضا للأزياء واستهزاء بالجمهور الفني من خلال ما تقدمه لهم من مشاهد هدفها مادي بحت، وأنا لا أرى وصفا لهذا النهج السطحي سوى أنه (عفن) وليس فنا، بعد أن انسلخ عن القيم والمبادئ من أجل الشهرة والمال.