الشعر الشعبي خاطب وجدانيات المتلقي وواكب الألم والتوجد لديه حتى أصبح وسيلة للتعبير عن ما يجوش في خلجات النفس لدى من لايستطيع نظم القصيد ويعود ذلك إلى ان الخطاب موجه باللهجة الدارجة والتي نشأ عليها المتلقي منذ صغره وتعد اللهجة المحلية مصدر مفردات وجمل الشعر الشعبي وخطاب الشاعر الشعبي يأتي بمفهوم البيئة التي يعيش فيها متأثراً بثقافتها وعاداتها وتقاليدها ولهجتها الدارجة، وذلك هو المعبر الصحيح إلى المتلقي. لذا يستغني علماء اللغة في بعض الاحيان عن الحديث باللهجة الأم عندما يتعلق الامر بالمشاعر والتعبير عن الأحاسيس. وعلم اللهجات هو العلم الذي يعنى بقضية تفرع اللغة الأصلية إلى لهجات ويعد من المباحث الجديدة لعلم اللغة العام وانطلاقاً من أهمية معرفة اللهجات وخصائصها الدلالية والصوتية والتركيبية توجه المستشرقين لدراستها لكونها مصدراً أصيلاً من اللغة الأصلية وهي الأقرب لتوضيح خصائص المجتمعات الثقافية والبعد الفكري للمجتمعات الصغيرة، خصوصاً في الجزيرة العربية التي يتكون مجتمعها من تجمعات للبادية والحاضرة وعلى ذلك تم الاستشهاد بالعديد من القصائد الشعبية كأمثلة على اللهجات وأسلوب بحثي مميز لتوثيق الأحداث والمواقع والمعالم وهذا ماتم العثور عليه في كتب الباحثين والرحالة سواء الغربيين او العرب والمسلمين. وتعد الجزيرة العربية مهد العرب ومنطلق حضارتهم بشكل عام وأساس لغتهم الأم ولهجاتهم لذا ركز الباحثون في هذا المجال على معرفة طبيعتها وحدودها وقبائلها القديمة والحديثة ومنازلها باديتها وحاضرتها ظاعنها ومستقرها وهذا بالطبع يفسح المجال لنظرة أوسع في اللهجات وبيئتها الجغرافية، وتعد اللغة كالكائن الحي تدب فيها الحياة ما دبت في الناطقين بها، وتتأثر بما يتأثرون به، ودليل ذلك دخول مفردات عربية وهجرة البعض منها، وتغير اللهجة مع هيمنة اللغة ذات القوة والسيطرة. وقد تأثرت بعض اللهجات العربية بدخول المفردات المهاجرة والأعجمية عليها حتى وصل الأمر إلى التعبير عن سلوك ما بمفردات غير عربية الأصل. ومع تقارب البعيد واختلاط القبائل والجماعات وانتقالها من مكان لآخر انصهرت معظم اللهجات بعضها ببعض ونتج عن ذلك الاختلاط لهجات جديدة خصوصاً في المدن، وهذا بالطبع له تأثيره على قصيدة الشاعر من حيث استخدامه للمفردة، وصياغة الجملة الشعرية، ويتضح ذلك الاختلاف بين الشعراء في مجتمعات البادية والقرى والمدن الكبيرة