تُعد ردة فعل الموجودين في بعض المنشآت العامة تجاه "صفارة الإنذار" سلبية، حيث يفترض أن يتحرك الجميع سريعاً للابتعاد عن منطقة الخطر، إلاّ أن هناك من لا يكترث للأمر، وهو ما يؤكد على أن هناك خللاً ما، مما جعل المختصون في مجال السلامة يُشددون على ضرورة التعامل الجاد مع "صفارة الإنذار"، بغض النظر عن حقيقة وجود خطر أو كارثة، وذلك بتنفيذ الإجراءات الاحترازية، ومن بعدها التأكد من سلامة الموقع وخلوه من أي خطر قد يسبب خسائر بشرية أو مادية. ومن المعروف أن مواجهة الأزمات والحالات الطارئة يجب أن يكون من خلال خطط محكمة واستعداد جيد، وعادةً ما يقع هذا الأمر على كاهل وحدات السلامة بالمنشآت، التي بدورها تضع خطط الإجلاء بشكل سليم دون وقوع حالات تدافع قد تؤدي إلى حدوث إصابات وخسائر في الأرواح، رغم عدم وجود أي خطر، كما يحدث في بعض التجمعات البشرية عندما يتفاجأون بحركة غريبة كأشخاص يركضون، مما يؤدي إلى ردة فعل خطيرة، كالهروب الجماعي مع جهل تام للخطر الموجود، وهو ما يوقع إصابات كثيرة وحالات دهس من جراء التدافع غير النظامي. وفي حالات أخرى تتسبب السلبية في التعامل مع الإنذار في تفاقم الخسائر؛ بسبب عدم تدارك الموقف بشكل سريع حسب خطط السلامة، التي تهتم بتأمين خروج الجميع من المبنى والتوجه إلى منطقة التجمع، وعدم السماح لأي شخص بالعودة إلى منطقة الخطر إلاّ بعد سماح الشخص المسؤول عن السلامة عندما يتأكد من زوال الخطر، ولكي يتحقق التحرك السريع عند الحوادث يجب أن تكون هناك خطة واضحة وسهلة للإخلاء، مع التدرب عليها بشكل دوري، ليتمكن من خلالها جميع العاملين في مختلف المنشآت من التعامل الجيد، والاستجابة المثالية التي تقضي بتأمين المنطقة قبيل الخروج، وذلك بإطفاء الأجهزة وإغلاق أسطوانات الغاز إن وجدت، والتوجه مباشرة إلى مخارج الطوارئ المعدة سابقاً وعدم استخدام المصاعد الكهربائية، وينصح في حال عدم استطاعة الشخص الهروب من منطقة الخطر لأسباب مختلفة كوجود حريق يقطع طريقة بأن يتوجه لأي مكتب أو غرفة بها نافذة، مع محاولة سد الباب بقطع قماش في حال حدوث حريق خارج الغرفة، لمنع تسرب الدخان ومن ثم التوجه إلى النافذة لطلب المساعدة. ويوصي خبراء السلامة بضرورة التحلي بالهدوء في المواقف الطارئة، مع محاولة تهدئة الجميع حتى مع التحرك السريع للابتعاد عن موقع الخطر، حيث يفترض على المسؤولين عن إجلاء الموجودين في المنشأة إيقاف العمل فوراً، وقطع التيار الكهربائي، ومن ثم التوجه إلى نقاط التجمع، من خلال المسارات المعدة للطوارئ، والتنبيه بشكل مستمر على عدم الركض والتدافع حتى لا تقع أي إصابات. لا يوجد مخارج ذكرت مجموعة من الموظفات العاملات في مكاتب نسائية خاصة بأحد الإدارات الحكومية، بأن أكثر من حادثة حريق أو ماس كهربائي تعرضت لها مكاتبهن تستدعي ضرورة الإخلاء السريع، نظراً للدخان أو احتمال تفاقم الخطر، إلاّ أن مديراتهن ترفض خروجهن؛ بحجة عدم حصولها على إذن من الإدارة الرجالية الواقعة في مبان بعيدة جداًّ عن مكاتبهن، وهو ما عرضهن إلى مخاطر كثيرة من هذا الإجراء، الذي قد يتسبب بفاجعة كبيرة، لذلك طالب موظفات بضرورة توعية المسؤولات على الطريقة المثلى للتعامل مع الحالات الطارئة، خاصةً أن الكثير من الإدارات النسائية في أغلب الدوائر الحكومية تقع في منازل مستأجرة تخلو من مخارج الطوارئ، إضافة إلى وجود شباك حديد على النوافذ. ثقافة ضعيفة وقال "نايف بن محمد" -معلم-: إنه عمل في إحدى المدارس قرابة خمس أعوام، إلاّ أنه لم يُشاهد أو يلمس ولو لمرة واحدة وجود خطة طوارئ، مضيفاً أن إدارة المدرسة لا تتحمس كثيراً لهذا الموضوع، على الرغم من أهميته الكبيرة، مبيناً أن الثقافة ضعيفة لدى الطلاب، ولو أن حريقاً نتج في المدرسة لربما كانت النتيجة كارثية، مُشدداً على ضرورة أن يهتم المشرفون التربويون بتوعية المديرين والمعلمين وكذلك الطلاب على ضرورة خطة الطوارئ، مع محاسبة أي مُدير لا يُثقف الطلاب بالتعامل مع الحريق. وأضاف: بعض المبان الحكومية قد يضم مدرستين (ابتدائية ومتوسطة) وربما كانت مخارج الطلاب قليلة، أو لا تكفي لأعداد الطلاب، ذاكراً أنه من المهم أن يعي المسؤولون خطر ذلك، فالأهم هو المحافظة على حياة الأبرياء قبل وقوع الكارثة. هناك تقصير وحمّل "عبدالرحمن بن حمد الدوسري" -مدرب معتمد ومتخصص في السلامة والإطفاء- تفشي ظاهرة عدم المبالاة والإحساس بالمسؤولية تجاه التحرك السليم عند انطلاق صفّارة الإنذار في المنشآت المختلفة إلى قلة الوعي العام بأهمية الإخلاء، حيث أن أجهزة الإنذار وضعت بالدرجة الأولى لتنبيههم عند حدوث أي خطر مهما كان نوعه، مضيفاً أن هناك تقصيراً في الجانب التعليمي، مبيناً أنه على الرغم من وجود الصفّارة والتوصية بها من قبل المسؤولين والدفاع المدني، إلا أنها لم تصل للمستوى المطلوب، متأسفاً على عدم سماع إجراء فرضيات وتدريبات لإخلاء المدارس إلاّ بعد حصول حريق، ومن بعدها تنشط التدريبات والفرضيات، لكن على نطاق ضيق ومن ثم تختفي. وجود خطة واضحة وسهلة للإخلاء والتدرب عليها بشكل دوري يؤدي إلى الحماية مستقبلاً إعاقة الفرق وأوضح "الدوسري" أنه من المظاهر السلبية أيضاً عند انطلاق صفّارة الإنذار وجود تجاهل تام من قبل الموجودين في الداخل، إضافةً إلى تجمهر من قبل العامة خارج المبنى، بهدف التعرف على ما يحدث، وهو ما يشكل خطر على الجميع، إلى جانب إعاقتهم لفرق الطوارئ والإسعاف عند وصولها إلى الموقع، مبيناً أنه ينصح خبراء السلامة بضرورة أن يتفاعل الجميع بشكل حذر عند انطلاق جرس الحريق أو صفارة الإنذار بوجود خطر ما، والتوجه بشكل مباشر ومنظم إلى المواقع الآمنة كنقاط التجمع، مُشدداً على ضرورة تكثيف حملات التوعية بكيفية التعامل عند حدوث أي أمر طارئ، مع زيادة التدريبات العملية بين الفترة وأخرى، للمساهمة في الحد من وقوع إصابات وخسائر بشرية ومادية. تطور تكنولوجي وأشار "الدوسري" إلى إمكانية الإفادة من التطور "التكنولوجي" والمعلوماتي، بزيادة المواقع والصفحات الالكترونية المهتمة بنشر ثقافة السلامة العامة، إضافةً إلى أهمية إنتاج الأفلام والبرامج الموجهة للعامة، على غرار البرامج التي كانت تنتج سابقاً من قبل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي، وكان لها أثر واضح في زيادة الوعي بمختلف المجالات، كحلقات برنامج "سلامتك"، الذي كان يقدم نصائح مفيدة بشكل خفيف وجذاب للصغير والكبير في آن واحد، وهو ما جعله من أفضل برامج السلامة حتى هذا الوقت، ذاكراً أنه على الرغم من توصيات الدفاع المدني لجميع المنشآت العامة والمجمعات بضرورة وجود خطط طوارئ، إلاّ أن الكثير من الأبراج التجارية والسكنية إضافة إلى مجمعات تجارية ومدارس خاصة وحكومية تفتقد إلى الخطة المدروسة لمواجهة أي طارئ، ويتضح ذلك عند سؤال أي موظف أو مراجع أو ساكن في هذه التجمعات السكنية أو التجارية أو العامة عن أقرب مخرج طوارئ أو طفاية حريق أو منطقة التجمع وطريقة الوصول إليها، إضافة إلى عدم توزيع الأدوار على الموظفين في المؤسسات والمصانع والمدارس ليتعرف كل منهم على دوره في حال الاحتياج لإخلاء المنشآة. حبر على ورق وأكد "الدوسري" على أن الأنظمة العالمية ونظام الدفاع المدني ينص على وجود خطة طوارئ مكتوبة ومتفق عليها لكل منشأة، بغض النظر عن النشاط المزاول، مع وضع ملصقات داخلها في جميع الأماكن، تشرح ماذا يجب أن تفعل في حالة سماع صفارات الإنذار أو الحريق، وكذلك تحديد أماكن ونقاط التجمع خارج المنشأة، إضافةً إلى وجود فريق طوارئ مكون من العاملين في المنشأة، وإجراء تدريبات دورية للفريق، لكي يعرف الجميع دوره في حال الطوارئ لا قدر الله إلى حين وصول فرق الدفاع المدني، مشيراً إلى أن الكثير من المنشآت تمتلك خطط طوارئ معتمدة من قبل الدفاع المدني إلاّ أنها مجرد حبر على ورق ولا تطبق على أرض الواقع. وشدّد على ضرورة الاهتمام بتدريبات الإخلاء في المنشأة بشكل دوري للتأكد بأن الجميع يعرف دوره في الخطة، مع التأكد بأن جميع مخارج الطوارئ تعمل بشكل جيد ولا يوجد بها أي عوائق، حيث أن التدريبات الجيدة تضمن خروج الجميع بطريقة منظمة تحت إشراف كامل، إلى جانب أهمية القضاء على الرعب الذي طالما كان سبباً في حدوث غالبية الإصابات في الحرائق الكبيرة والكوارث. الهدوء في التحرك أثناء الطوارئ يساهم في تقليل الإصابات عدم وجود تجمهر يُسهّل وصول فرق الطوارئ إلى الموقع عبدالرحمن الدوسري