لا تعترفْ إلا لصمتكَ حالما يأتي الكلام..! وجهانِ في المرآةِ .. وجهٌ دائريّ الضوء مسنود على رفّ العيون تسافر الكلماتُ عن شفتيه تبحث في بلاد التيه عن ظلّ تشظّى.. تتبسّم الأيامُ حول جبينه المبلول بالأحلامِ.. يخفي تحت قشرته ندوب الفقرِ والعمرِ الشحيحْ .. وجهٌ خرافيّ الظنون.. كأنه ليل امرئ القيس المقدّسِ .. حطّت الغيمات فوق عيونِه السوداء.. فانسكب الزمان.. *** لا تحتمل إلا سواك.. نشأتْ يداكَ على العناق تنمّلتْ .. تركت لصورتك القديمة في جدار الريح نحّاتًا يجيد النقشَ فوق ستائرِ الغيب الكتومِ ويستعيذ من التكرّرِ كلما فتحَ النوافذَ للبعيدْ ..! *** هل عاد في وسع الكلام القول في شفة السكوت؟! ليلان ياسهري.. أنا والصمت ليس بوسعنا إلاّك.. كلّ مرّ بالصحراء فانتعل الشموس.. ومرّ بالشطآن فافتعل الغناء.. ومرّ بالأسماء فاشتعل الحنين..! هيّا اسأل النوم الكسول متى يمدّ ذراعه للصبح ظلا للنهارْ .. *** من أين للأشجارِ ذاكرةٌ .. إذا حلّ الربيع على بساتينِ الحنينِ بآخر الذكرى ومن غيري رأى في رقصة الأغصان ما يغني عن الأدْنى.. يا أيّها الأبديّ نسيانًا.. ألا يكفيك أنّكَ ما استعطتَ من الرجوعِ مؤبّدَ المعنى.. قد لا يحالفكَ الطريقُ ، وقد تمرُّ ببابه لغةً من الأسماء والأفعالِ والجمل المفيدةْ قد لا تحالفك القصيدةْ *** ماضٍ إلى زمني.. كما تمضي الظلالُ لنفسها يا أيها الطرقاتُ والخطواتُ والكدماتُ في قدم الضياعْ .. جئنا من السنواتِ صحراءً من الآتي يؤجّلنا.. ومن سقط المتاعْ جئنا نعدّ النجم لا مطرًا يسوّفنا إلى عطشٍ ، ولا في غيمة الرملِ الشحيحِ على منازلنا نزاعْ جئنا كما قال النحاة من امتناعٍ لامتناعْ ..!