لقد جاءت التصريحات التي أدلى بها لوسائل الإعلام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 29/6/1426ه، وذلك عقب تلقيه العزاء في خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - يرحمه الله - تحمل مضامين مهمة لا بد أن نقف عندها ونتأملها، كما أن هذه التصريحات في الوقت نفسه تعكس حنكة قادة هذه البلاد وبعد نظرهم. فأولى هذه المضامين: تأكيده على تلك اللحمة القوية التي تربط الأسرة الحاكمة بشعبها وأبنائها وأن هذه الأسرة الحاكمة انبثقت من رحم هذه البلاد المباركة ومن شعبها العريق ولم تأت من الخارج على ظهور الدبابات بانقلاب عسكري جائر أو بدعم قوى أجنبية لترسخ مصالحها في هذه البلاد. وقد تمثلت هذه اللحمة واستبانت في تلك المظاهر وتلك الجموع التي اكتظت بها مجالس العزاء والبيعة، وهذا التناغم الفريد بين الشعب وقيادته خير رد على أولئك المشككين والمرجفين على قيادة هذه البلاد وأهلها. ثانياً: تأكيده على أن هذه البلاد قامت أساساً على مبدأ الإصلاح منذ نشأتها على يد الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب، وأنها لا زالت تسير بثقة واطمئنان على هذا النهج وأنه نهج لم ولن يتوقف على طول مسيرتها لأنه نابع من ذاتها وكيانها لا يحتاج أن يفرض عليها لأنها ارتضته منهجاً وسبيلاً وطريقاً. ثالثاً: تأكيده أن هذه البلاد ليست دولة عقاب ولم تقم على هذا المبدأ وإنما هي على حد قول الشاعر العربي: قسا ليزدجروا ومن كان حازماً فليقس أحياناً على من يرحم فسياسة الحزم لا بد منها مع المخالفين وهذا من باب السياسة الشرعية التي لا تقوم أركان الدولة إلا بها، وهذه الدولة وإن قست فهي تقسو على ابن من أبنائها وفلذة من فلذات كبدها وهي ترى أن المصلحة العامة تقتضي ذلك وتحتمه وأن ايقاع هذا العقاب ليس لأجل العقاب ذاته وليس تشفياً أو انتقاماً وإنما لمصلحة تراها كما يرى الأب المصلحة حين يوقع العقاب على ابنه وفلذة كبده. رابعاً: تأكيده على أن هذه الدولة دولة أفعال لا أقوال وانها لم تبن سياستها في يوم من الأيام على اعطاء الوعود التي لن تتحقق في مستقبل الأيام وانما القصد منها البهرجة الإعلامية الكاذبة والمصطنعة التي تهدف إلى تزويق وتزيين المظهر دون المخبر وهي أسرع ما تتلاشى وتتبخر لأنها سراب بقيعان لا تروي عطشاً ولا تنبت كلأ. خامساً: تأكيده على إسلامية هذه البلاد وعروبتها - قيادة وشعباً - وأنها بجميع مؤسساتها تقوم على الكتاب والسنة وأن هذا هو قدرها ونهجها الذي ارتضته منذ قيامها وستظل تسير عليه. سادساً: تأكيده على عزم قيادة هذه البلاد على مواجهة التحديات التي تقف في طريقها مستمدة قوتها من إيمانها بالله عز وجل أولاً ثم من تكاتف شعبها ووقوفهم خلف قيادتهم الحكيمة التي تسير بهم إلى بر الأمان والاستقرار. وأخيراً: أسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ على هذه البلاد أمنها واستقرارها وأن يوفق قادتها لما فيه خيرها ورفعتها إنه جواد كريم. ٭ قاض بوزارة العدل