دع لذيذ الكرى وانتبه ثم صل واستقم بالدجى وابتهل ثم قل يا مجيب الدعا يا متم الرجا يا لطيفٍ بنا دايمٍ لم يزل بعد لطفك بنا يالله افعل بنا كل ما أنت له يا إلهي أهل أولٍ آخرٍ ليس له منتهى ولا له شريكٍ ولا له مثل واجدٍ ماجدٍ قابضٍ باسطٍ حاكمٍ قادرٍ كلما شاء فعل يا مجيب الدعاء يا وليٍ علا أسالك بالذي يا ألهي نزل به على المصطفى به شديد القوى أسألك بالذي دك صلب الجبل الغنى والعفا والرضا والهدى والتقى يا ألهي وحسن العمل وأسألك بعد ذا سايحٍ رايحٍ كن به لمع اسياف هندٍ تسل من حقوقٍ صدوقٍ دفوقٍ رفوق من عريضٍ مريضٍ ونيٍ عجل كن مزنه الى ما ارتدم وارتكم في مثاني السدى دامرات الحلل بل محثٍ مرثٍ محنٍ مرن هاميٍ ساميٍ دانيٍ متصل ناشيٍ غاشيٍ كاسي افق السما كن في مقدم سحابه يجرجر عجل اختنق وانصفق وانهرق واندفق ماطره وانهمل وابله واستهل انزجر واندجر وانفجر بالقدر ماه حط الحجر من كهوف الجبل كن فيه الطها يوم هب الهوى جول ربدٍ جفل وارتهش واجتول ارتدا واستوا وتتدا واستقا استقل وانتقل اضمحل الخجل الركايا ارجعت والجوازي سعت والطيور اسجعت فوق زهر النفل والوطا ربعت والرياض ازهرت اشبهت بالوطا فرش زلٍ تفل نازلٍ وابله خدنا جاد به باقي ٍ اربعٍ في سماك العزل يسقي الله به ناعمات الفروع راسيات المثاني جازيات النخل يانعات الثمر في صفار وحمر زاهيٍ في رطيب الجريد المضل حيثهن انهن الذخاير الى ما لقا ما يدير الهدير الجمل هن بواسق ارجالٍ بوسط الحريق هم قرومٍ اكرامٍ الى جا المحل جزال العطايا اكرام السجايا هم ريف ظيف بليلٍ هشل يا مجيب الدعا يا عزيز الجلال استجب دعوتي انني مبتهل وامح لي سيتي واعفني زلتي انني في آخر العمر محل الزلل الشاعر: هو محسن بن عثمان الهزاني من بلدة الحريق ولد عام1145ه وتوفي عام1240ه وقد اشتهر (رحمه الله) بغزلياته ومغامراته العاطفية وقد اختلقت عليه بعض القصص، وله مراسلات عديدة مع شعراء عصره، ولشهرته الواسعة بالغ البعض وقالوا انه أول من أدخل الأوزان السامرية على الشعر النبطي وكذلك أول من أدخل النظم المروبع وهذا خطأ ينفيه الواقع التاريخي لقصائد شعراء من قرون سابقة للقرن الذي عاش فيه محسن الهزاني. مخطوط قصيدة الاستغاثة للهزاني مناسبة النص: تذكر الروايات أنه في إحدى السنوات تأخر سقوط المطر على البلاد ومنها بلد الشاعر فأجدبت المراعي وغارت مياه الآبار فخرج أهل البلدة لصلاة الاستسقاء ولم يكن معهم محسن فلم يمطروا،ثم أن محسن جمع الصبية والرعاة وخرج بهم مع ماشيتهم إلى الصحراء فصلى بهم صلاة الاستسقاء وصدح بهذا النص الابتهالي متضرعاً إلى الله أن يغيث البلاد والعباد وهم يرددون من خلفه ما يقول ولم ينصرفوا من صلاتهم إلا وقد تراكم السحاب وانهمر المطر. دراسة النص: يلاحظ أنه عند مقارنة النص بين بعض المصادر فانه يوجد اختلاف كبير بينها في بعض الأبيات وما ذلك إلا من تدخل الرواة في النص بالتعديل والحذف والإضافة ومثال ذلك هذا البيت الذي جاء مرتبكاً مختل الوزن عند ابن يحيى رحمه الله: ثم من بعد ذا افعل بنا يا يلاهي كل ما تريد انت له اهل كذلك هذا البيت الذي بدل فيه المفردات فأصبح: ظاهرٍ باطنٍ خافضٍ رافعٍ واسعٍ قادرٍ كلما شاء فعل كما يخطئ من يعتقد أن التوبة غرض لهذا النص بل أن الشاعر قصره على الاستغاثة وهي الابتهال إلى الله عز وجل لطلب نزول الغيث والنص من أشهر النصوص وأجودها في غرضه، فقد بدأ الشاعر قصيدته حاثاً نفسه والمتلقي في الحرص على العبادة وأداء صلاة التهجد جوف الليل وان يدعو الله ويتضرع إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ويسأله أن يغيث الأرض فيرسل السحاب الذي يسح الماء سحا ويشبه لمعان البرق بلمعان السيوف الهندية ويسترسل في وصف مراحل تكون السحاب وانهمار المطر الغزير واكتظاظ الأودية والشعاب بالسيول المندفعة بقوة مما يؤدي إلى تغذية الآبار السطحية بالمياه واكتساء الأرض بألوان الربيع المختلفة وكأنها قد مدت عليها الفرش الملونة، ثم أن الشاعر يحدد الوقت الذي يدعو الله فيه أن يكون سقوط المطر وهو وقت الوسم وبالأخص في النجم الثاني من نجوم الوسم نجم (السماك الأعزل) وبتحديد يكون أكثر دقة بحيث يكون متبقيا من السماك أربع ليال وفيه يكون المطر غزيراً نافعاً بمشيئة الله، وأن يكون هذا الغيث النافع بإذن الله سبباً في سقيا أشجار النخيل السامقة التي بثمرها المختلف لونه بين الأصفر والأحمر تمثل الأمن الغذائي لأهل بلدة الحريق عندما تشتد عليهم سنين القحط والجدب، ثم أن الشاعر يمتدح أهل الحريق ويصفهم بالكرماء الذين يقصدونهم الضيوف القادمون من الصحراء ليلاً وقد أنهكهم الجوع، وفي ختام النص فإن الشاعر يتوسل إلى الله عز وجل أن يقبل دعوته ويتجاوز عن سيئاته فقد تقدم به العمر والإنسان محل الخطأ.