لا يختلف فلسطينيان على ان الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، قدم كل ما في وسعه لخدمة القضية الفلسطينية والفلسطينيين، دافعا باتجاه تحقيق الحلم الفلسطيني لإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وقد اتخذ الدعم السعودي في عهد الملك فهد أشكالاً عديدة منها الدعم السياسي، والدعم المعنوي والمادي، فلم يتوان الملك فهد عن التفكير في ايجاد صياغة دولية متفق عليها تكفل للفلسطينيين الحصول على حقوقهم حيث قدم طرحاً للتسوية الشاملة العادلة في مشكلة الشرق الأوسط، وهي مبادرة تتكون من ثمانية مبادئ عرفت باسم «مشروع الأمير فهد للسلام» وتبناه وأقره مؤتمر القمة العربية في مدينة فاس المغربية في حينه، ليتطور بعد ذلك مشروع فهد للسلام ويكون مشروع السلام العربي بمبادرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز عرفت «بالمبادرة العربية للسلام» وصادقت عليها قمة بيروت. وقد كان الملك فهد رحمه الله يدرك جيداً بأن الضغط على (إسرائيل) وحملها على القبول بالسلام العادل عبر المجتمع الدولي هو وحده الضمان للتوصل إلى حل سلمي شامل. وفي هذا الصدد عمل على دعم الخطوات الفلسطينية منذ بدء الحديث عن العملية السلمية في العام 1993، مؤكدا على أن الفلسطينيين من حقهم ان يكون لهم وطن حر مستقل وأن الحل يكمن في الانسحاب الكامل واعطاء الفلسطينيين حقوقهم ورفض كل المساومات التي لا تضمن للدول العربية حقوقها ورفض المحاولات الإسرائيلية لتهويد القدس وطمس معالمها الإسلامية. ولم تنته مواقف الملك فهد رحمه الله عند هذا الحد، فعندما تنكرت (إسرائيل) لاتفاقات السلام مع الفلسطينيين وحاولت تبديل الاسس التي قامت عليها عملية السلام في مدريد «الأرض مقابل السلام» وعملت على مواصلة اجراءاتها التعسفية ضد الفلسطينيين وتوسعها في بناء المستعمرات الإسرائيلية رغم التوقيع على اتفاقية «أوسلو»، واتفاق «القاهرة»، جاء الموقف السعودي الرسمي في حينه صفعة لإسرائيل عندما قررت المملكة مقاطعة المؤتمر الاقتصادي الدولي في الدوحة الخاص بالشرق الاوسط في نوفمبر عام 1997، خارجة بذلك عن الصف العربي اللاهث للتطبيع الاقتصادي مع دولة الاحتلال، لتصف إلى جانب الفلسطينيين في معاناتهم حتى يتمكنوا من نيل حقوقهم. ومما لا شك فيه أن الدعم السياسي والمواقف الحاسمة لم تكن وليدة اللحظة في عهد الملك فهد بل كانت مواقف داعمة من كافة أبناء الأسرة الحاكمة، إلا ان هذا الدعم وصل إلى ذروته في عهد الملك فهد رحمه الله في سبيل إعادة الحق إلى اصحابه. ولم يكن الدعم السعودي دعما سياسيا فقط، فهناك 400 مليون دولار قدمتها المملكة إلى الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى في حين تجاوزت في إجمالي مساعادتها 2 مليار دولار أمريكي عبر المؤسسات الدولية والعربية، بالإضافة إلى أكثر من عشرة مليارات ريال للفلسطينيين في مساعدات مباشرة، وقد بادرت الرياض لانشاء صندوق انتفاضة القدس للإنفاق على أسر الشهداء والجرحى والأسرى وانشاء صندوق الاقصى بمبادرة سعودية ومساهمة تجاوزت 200 مليون دولار أمريكي لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية الإسلامية في القدس. وبصفة شخصية تحمل خادم الحرمين الشريفين نفقات إصلاح وترميم المساجد في القدس كلها ومدن فلسطينية أخرى هذا فضلا عن إشرافه المباشر على حملات التبرعات الشعبية لدعم نضال الشعب الفلسطيني من خلال هيئات ومؤسسات مدنية وأهلية.