في 11 يوليو 2013 كان هناك تنويه واضح وصريح من اللجنة المشتركة بين الجمعية الطبية الأمريكية AMA ولجنة مراقبة وتحسين أداء الأطباء PCPI بالحاجة إلى تنظيم استعمال أنواع معينة من طرق العلاج ورفع الوعي الصحي لدى الأطباء والمرضى في العالم بأهمية التقيد بالتوصيات العلمية المتفق عليها بين الجمعيات العلمية العالمية.. وبناء على مارفعته التوصيات العلمية لمئة واثنتي عشرة جمعية علمية في جميع التخصصات الطبية فإن التركيز كان على خمس طرق علاج.. كثر رصد استخدامها overused في مرضى لايستفيدون من ذلك العلاج أو قد يسبب لهم ضرراً.. فالتركيز هنا ليس على منعها وإنما على ترشيد استعمالها في من يحتاجها من المرضى فقط والتي تكون حاجته في تلك الحالة أكثر خطراً عليه من مضاعفات الدواء أو العلاج نفسه.. وكانت تلك الحالات الخمس هي: 1- استخدام المضادات الحيوية لالتهابات الحلق الفيروسية. 2- نقل الدم لبعض المرضى الذين لايحتاجونه علمياً وإنما لمجرد تصحيح رقم الهيموجلوبين على الرغم من عدم شكوى المريض أو تأثره بذلك وتوفر وسائل أخرى أكثر أماناً لتصحيح مستوى الدم. 3- وضع أنابيب طبلة الأذن لارتشاح الأذن الوسطى قصير المدة الذي عادة مايتخلص منه الجسم في فترة وجيزة. 4- التعجيل بحالات الولادة بصورة اختيارية وليس تبعاً لحاجة الأم أو الجنين الطبية. 5- وضع الدعامات الشريانية التاجية بصورة اختيارية -ليست حالات طارئة- في من لم يثبت حاجته الطبية لها. والنقطة لاتكمن فقط في إجراء طريقة علاج لمن لايحتاجه فقط -بل ومن الممكن أن يضره- ولكن أيضا في زيادة التكاليف على النظام الصحي وتأخيرها على مريض آخر قد يكون في أمس الحاجة إلى ذلك العلاج المذكور فمثلاً في أمريكا 11.6% من حالات الدعامات الشريانية المزروعة-غير الطارئة- غير مقبولة علمياً حيث كان 53% من المرضى ليس لديهم آلام في الصدر و 95% لم يتم استخدام الأدوية المناسبة قبل وضع الدعامة!! الدعامة الشريانية سلاح ذو حدين له منافع وله مخاطر بلاشك ثلاث طرق علاج لتضيقات شرايين القلب ولتوضيح المفهوم وتبسيطه فإن الطب الحديث قدم ثلاثة حلول علاجية لتضيقات الشرايين: أولها وأكثرها فاعلية -في غير متلازمة الشرايين الحادة- هي الأدوية وثانيها القسطرة الشريانية بوضع الدعامات وهي فعالة في علاج الجلطات الحادة وفي ما لم تتحكم به الأدوية من تضيقات الشرايين وأخيراً عمليات القلب المفتوح.. ولكل من هذه الطرق الثلاثة شروط وموانع يجب أن يعرفها الطبيب ويشرحها للمريض.. وسنسوق أدناه أمثلة من الحياة العملية لحالات يمنع فيها وضع دعامات شريانية وحالات أخرى يجب فيها أن توضع: أمثله على حالات لا يحتاج فيها المريض وضع دعامة شريانية: 1- وضع دعامة في شريان تضيقة أقل من 50% أو في مريض كان فحص الجهد النووي طبيعياً ولايشتكي من أعراض واضحة أو في مريض لديه آلام صدر من النوع المستقر ولم يتم محاولة أي نوع من الأدوية معه مسبقاً حيث إنه من المفترض أن يحاول الطبيب بالأدوية أولاً وهي فعالة في 80 % في مثل تلك الحالات إلا إذا كان التضيق في الشريان الرئيسي الأيسر. 2- في مريض لديه فشل في الكبد ودوالي في المريئ وزيادة سيولة في الدم أو في حالات السرطان المتأخرة -حمانا الله وإياكم منها- حيث إن الضرر أكثر من الفائدة في تلك الحالات. 3- وضع دعامة في شرايين أخرى غير الشريان المسبب للجلطة الحادة stemi من غير حالات الصدمة القلبية "وهي هبوط الضغط المستمر والحاجة إلى أجهزة وأدوية لرفع ضغط المريض" 4- وضع دعامة شريانية في مريض بعد مضي24 ساعة على الجلطة stemi وحالته مستقرة سواء من ناحية الضغط أو كهرباء القلب وكذلك من عدم وجود أعراض يشتكي منها وليس هناك دليل على نقص تروية القلب الحادة. 5- وضع دعامة في شريان يغذي جزء من عضلة القلب سبق وأن تعرضت لجلطة سابقة وتأثرت خلاياها كثيراً non viable أو وضع دعامة لمريض لايستطيع الاستمرار على مضادات الصفائح الدموية الاسبرين والبلافكس لأسباب صحية أو عقلية أو مادية..الخ لأن إيقافها يعرض المريض مرة أخرى للجلطة والمشكلة أن انسداد الدعامة يسبب جلطة أشد بكثير من الجلطة العادية ونسبة الوفيات فيها أعلى. أمثلة على حالات يحتاج فيها المريض وضع دعامة شريانية: 1- جلطة القلب الحادة stemi خلال 24 ساعة ووجد الشريان مسدوداً أو متضيقاً أكثر من 70% أو بعد 24 ساعة مع شرط مهم وهو وجود دليل على نقص التروية الحاد مثل آلام الصدر أو تجمع سوائل الرئتين أو هبوط الضغط أو عدم استقرار كهرباء القلب. 2- تضيق شريان أكثر من 70% ومازال المريض يشتكي من آلام على الرغم من تكثيف العلاج وثبت أن ذلك الشريان هو المسبب لأعراض المريض بالتصوير النووي أو بفحوصات أخرى. 3- تضيق في شرايين القلب الثلاثة في مريض سكر ولايستطيع تحمل عملية القلب المفتوح ونوع التضيقات مناسب لوضع الدعامة الشريانية. 4- تضيق الشريان الرئيسي الأيسر أكثر من 50% والمريض لايستطيع تحمل عملية القلب المفتوح أو يرفضها رفضاً تاماً. 5- المريض يشتكي من آلام صدره بسبب تضيق دعامة سابقة أكثر من 70% على الرغم من تكثيف الدواء وثبت أن هناك نقصاً واضحاً في تروية القلب بالفحوصات. والخلاصة أن زيادة الوعي الصحي بأهمية ترشيد استخدام طرق علاج معينة له دور كبير في رفع مستوى الخدمة الطبية المقدمة وتقليل تكاليفها، وأهم من ذلك كله سهولة وصولها إلى من يحتاجها بالفعل!! ولذلك يفضّل أن ننشر هذا المفهوم المهم بين الأطباء حديثي التخرج وكذلك زيادة المحاضرات والندوات التي توضح مايجب عمله appropriate ومايجب الابتعاد عنه في علاج ذلك المريض inappropriate وكذلك رفع الوعي الصحي لدى المريض بأن يعرف ماله من حقوق بمعرفة فائدة هذا العلاج تحديداً لحالته؟ وهل هو من المتفق عليه علمياً؟ أم هناك خلاف ورأي راجح أو مرجوح في حالته؟ وهل من حقه أخذ رأيٍ طبي أخر ليطمئن قلبه؟ وماهي المضاعفات المحتملة عند عمل هذا الإجراء الطبي في المستقبل القريب أو البعيد؟.. الخ. أدام الله علينا وعليكم لباس الصحة والعافية. ليس كل تضيق في الشرايين التاجية يحتاج إلى دعامة