الحب والشعر كالأرض والمطر.. إذا أصاب الأرض الطيبة مطرٌ هتَّان، اهتزت وربت وانبتت أزكى الثمار وأبهى الأزهار وأجمل الألوان.. والحب إذا مس بجناحه المسحور وجدان الشاعر الموهوب فتّق مواجده وفتَّح مواجعه وجنَّح بخياله ليرى في محبوبه أبهى البهاء وأجمل الجمال.. وشعر الغزل والحب يعتبر هو الورود والزهور في بستان الشعر الكبير.. يفوح بالألفه والطيب.. ويبهج القلب والأذن، ويثير أرض المشاعر وأعذب الذكريات ويزيدنا حنيناً للجمال.. والآن فلندع الشعر يحدث عن نديمه الأزلي: الحب. إن من ذاق نشوة الحب يوماً لا يبالي بكثرة اللَّوام أيها السائل الملحّ إذا ما جئت نجداً فعُجْ بوادي الخُزَام وانشدت قلبي المُعنى لديهم فقد ضاع بين تلك الخيام وإذا ما رثوا لحالي فسلهم إن يمنوا ولو بطيف منام ما سرت نعمة ولا ناح في الدو ح حمامٌ إلاّ وحان حمامي أين أيامنا بشرقيِّ نجدٍ يا رعاها الإله من أيام حيث غصن الشباب عفيٌّ ورو ضُ العيش قد طرّزته أيدي الغمام (بهاء العاملي) أنعم بوصلك لي فهذا وقته يكفي من الجهران ما قد ذقته أنفقت عمري في هواك وليتني أعطى وصولاً بالذي أنفقته يا من شغلت بحبه عن غيره وسلوت كل الناس حين عشقته أنت الذي جمع المحاسن وجهه لكن عليه تصبري فرقته (السروجي) عذبت طرفي بالسهر وأذبت قلبي بالفكر ومزجت صفو مودتي من بعد بُعدك بالكدر ومنحت جثماني الضنا وكحلت جفني بالسهر نفسي العداء لشادنٍ أنا من هواه على خطر رشآتي وله الخوا طرُ إن تثني أو خطر(1) هو كالهلال ملثما والبدر حسناً إن سفر ويلاه ما أحلاه في قلبي الشقي وما أمر! (ابن منير الطرابلسي) ومن الشعر الذي بلغ الحب فيه منتهاه: والله ما شرقت شمسٌ ولا غربت إلاَّ وذكرك مقروناً بأنفاسي وما خلوتُ إلى قومٍ أحدِّثهم إلاَّ وأنت حديثي بين جُلاسي وما هممتُ لشرب الكأس من ظمأٍ إلاَّ رأيتُ خيالاً منك في الكأس أمانيُّ من ليلى حسانُ كأنما سقتني بها ليلى على ظمإٍ بردا منى إن تكن حقاً تكن أحسن المنى والاَّ فقد عشنا بها زمناً رغدا (ابن ميادة) وكلما زدت وجهه نظراً بدت عليه محاسنٌ جُدد (ابن مطروح) ونشكو بالعيون إذا التقينا فيفهمه ويعلم ما أردت أقول بمقلتي: إن مت شوقاً فيوحي طرفه أن قد فهمت (إبراهيم بن سيار) ذؤابته تقول لعاشقيه قفوا وتأملوا قلقي وذوبوا(2) فإني قد وصلت إلى مكانٍ عليه تحسد الحدَقَ القلوب (بهاء الدين العاملي) يا زين يوم قلوبنا صافياتي ما طعت عذال ولا ارخصت بك سوم ارخصت من غالي حياتي مماتي وادعيتني لا اكل ولا شرب ولا نوم رميت باسباب الهو الموجباتي قلبي رمى الله انجلك السود بسهوم يا شيبيه ظبي ذيروه الرماتي يرعاها زهر نبت بالادماث ماسوم(3) تغنيك ريح انفاسه الذارياتي عن ريح ريجان وعن ريح مشموم (محسن الهزاني) عمّ المبرّز بالتحيه وسل لي عن دار معسول النبا سمح الاقبال طفل عليه امغورز الدمع هلي من ناظري والقلب جافيه ولوال الي جيت عند اللي حديثه يسلِّي وقام يتحفّى مِغزل العين ويسال فان قال لك سيد الرعابيب: خلِّي كيف الهوى سواه؟ قل في ردى حال قطّع غرام الشوق صبره وملِّي من ذا الحياة اللي بها شاف غربال ساعة رأى منك الجفا والتغلِّي أمسي سهرِ الجفن بالنوم ما ذال بالله يا مدمي الألحاظ قل لي وش سبب الفرقا على أي مدخال؟ (محمد بن مسلم) هوامش: (1) خطر الأولى مَرّ والثانية خوف. (2) الذؤابة: آخر خصلة الشعر، يقصد أن شعرها طويل يصل ردفها. (3) الأدماث الأرض الخصبة اللينة.