ليس بخاف على أي مسلم ان الحج ركن من أركان الإسلام، ومبانيه العظام، كما قال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} وفي الحديث الصحيح يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان). ومعلوم ان لكل عبادة من العبادات التي شرعها الله لعباده، فوائد عظيمة ومنافع جليلة، تعود على العباد بالخير والنفع والفائدة في الدنيا والآخرة، ومن هذه العبادات العظيمة ذات الفوائد الجليلة، فريضة حج بيت الله الحرام، كما قال - تعالى - : {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام}. وفوائد الحج كثيرة يطول الحديث عنها نقتصر منها على ما يلي: أولاً: ان الحج عبادة عظيمة، وامتثال لأمر الله - عز وجل - وهذه هي الغاية التي من أجلها خلق الله - تعالى - الخلائق كلها، كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون}، ولا شك ان هذه أهم فوائد الحج، ومقاصده، وعبادة الحج تجمع جميع أنواع العبادات، ففي الحج أعمال بدنية، وأعمال مالية، وأعمال قلبية، كما هو ظاهر لا يخفى. ثانياً: أنه يعد أعظم مؤتمر، وأكبر تجمع للمسلمين من جميع أنحاء الدنيا، فهو فرصة عظيمة للتعارف بين المسلمين، وتبادل التجارب والخبرات، والمنافع في جميع المجالات الدينية، والعلمية، والاقتصادية، وغيرها. ثالثاً: من أعظم فوائد الحج أنه يؤكد وحدة الأمة الإسلامية التي قررها القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، كما في قوله - تعالى - : {إن هذه أمتكم أمة واحدة}، فنجد فيه جميع المسلمين متحدين في أداء مناسك واحدة متفقة لا خلاف ولا تفرق فيها، فالجميع يطوفون ببيت واحد، ويسعون في مكان واحد، ويقفون جميعاً في صعيد واحد، ويتجهون إلى قبلة واحدة، ويتلون كتاباً واحداً، ويعبدون رباً واحداً لا إله غيره، ويقتدون ببني واحد، وكل ذلك مما يقوي الأخوة الإسلامية، والرابطة الدينية بين جميع المسلمين كما قال - تعالى - : {إنما المؤمنون إخوة}، وكما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، وهذا المعنى السامي لو استشعره المسلمون وعملوا به، وطبقوه لقلّت، واضمحلت أوجه الخلاف، وأسباب الفرقة بينهم، ولكانوا كالجسد الواحد، امتثالاً لأمر الله - تعالى - : {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}. رابعاً: أنه لا مجال، ولا مكان في الحج لأي عمل، وأي تصرف ينافي مقاصد الحج وغاياته السامية، فكل عمل أو تصرف أو قول يؤدي إلى الفرقة أو العداوة، أو تشتيت كلمة المسلمين فهو ممنوع ومرفوض في الشرع، كما قال - تعالى - : {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}. خامساً: أن في الحج تجسيداً للمساواة، والعدل في الإسلام، فالجميع متساوون في جميع الحقوق والواجبات، فليس للغني شعائر تختلف عن شعائر الفقير، وليس للحاكم مناسك غير ما للمحكموم، فلا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى، كما قال - تعالى - : {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. سادساً: أن الحج من أكثر العبادات تذكيراً بالآخرة، وتذكيراً بالموت، فالجميع يقفون على صعيد واحد، كما سيقفون يوم القيامة أمام الله تعالى، والجميع يتجردون من ملابسهم، ويرتدون ملابس الاحرام التي تذكرهم بالموت، والكفن، والجميع يتركون أوطانهم، وبلادهم وأملاكهم، ولا يستصحبون معهم إلاّ عبادة الله - تعالى - وفي هذا تذكير بأن الإنسان عندما يموت لن يأخذ معه من متاع الدنيا شيئاً، ولن ينفعه إلاّ العمل الصالح. هذا جزء قليل من فوائد الحج، ومنافعه الجليلة، نسأل الله تعالى ان يوفق المسلمين بعامة، وحجاج بيت الله بخاصة إلى ما يحبه ويرضاه، وان يتقبل من الجميع صالح الأعمال، إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. * وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية