أعرب معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ، وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ، عن الاستغراب الشديد للاتهامات التي نشرها الكاتب كريس مونديكس في صحيفة فيلاديلفيا أنكويرر الأمريكية، عن تقرير يحرض على المملكة العربية السعودية ، سيصدره ممثل ولاية نيوجرسي في الكونغرس الأمريكي ، السناتور لوتنسبرغ بعنوان : (إلى من يهمه الأمر) يزعم فيه أن تمويل المملكة العربية السعودية ومؤسساتها الخيرية للمدارس الباكستانية تسبب في تغذية الفكر الانتحاري لدى المتهمين الأربعة في تفجيرات لندن. وقال د. التركي في تصريح رد فيه على المزاعم والاتهامات المذكورة في التقرير: إن المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي أعلنت الحرب على الإرهاب ، وقد خاضت وما زالت تخوض المعركة ضد الإرهاب والإرهابيين الذين استهدفوا أمنها، ونفذوا على أراضيها عدداً من العمليات الإجرامية ، التي راح ضحيتها عدد كبير من أبنائها من رجال الأمن ، ومن المواطنين الأبرياء . وتساءل د. التركي مستغرباً: لماذا يتجاهل بعض الناس في الغرب معاناة المملكة العربية السعودية من الإرهاب والإرهابيين ؟ ولماذا يغضون الطرف عن جهودها المحلية والعالمية ، وقتل كثير منهم ، والقبض على أفراد ومجموعات تنتمي إلى شبكات الإرهاب الدولية ، وإنزال العقوبة اللازمة بحقهم؟ وأكد د. التركي أن المملكة العربية السعودية هي من أكثر بلدان العالم تضرراً من الإرهاب الذي تسللت عناصره إلى مدنها الكبرى ، ونفذت عمليات إجرامية ، استهدفت أماكن وتجمعات ومراكز عمل في الرياض والخبر والظهران وينبع وجدة وغيرها. وقال د.التركي : إن بعض من يضعون التقارير عن موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب يعتمدون على مصادر تعلن عداءها للمملكة وللإسلام والمسلمين ، مشيراً إلى أن السناتور لوتنسبرغ وقع في هذا الخطأ ، حيث اعتمد في إعداد تقريره على مصادر صهيونية، تعادي المملكة العربية السعودية ، وتكيل لها التهم والافتراءات الباطلة. وبين معاليه أن المملكة العربية السعودية ومؤسسات الدعوة والعمل الخيري فيها، وفي مقدمتها رابطة العالم الاسلامي ، وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ، لا تقدم أي دعم مالي لأية جهة تشجع على التطرف والإرهاب، مؤكداً أن الدولة السعودية لا تتعامل في المجالات الإنسانية والخيرية مع أفراد وإنما تتعامل مع حكومات ، تتولى الإشراف على أوضاع العمل الخيري في بلدانها ، كما ان ما يتم صرفه من معونات إنسانية يخضع للحسابات الدقيقة من الجهات المختصة في المملكة وحكومة البلد المستفيد من المعونة ، وهذا يؤكد خطأ الزعم بأن المملكة تقدم الدعم لمؤسسات ومدارس وأفراد أساؤوا التصرف فيما قدم لهم ، كما يؤكد أن التدليس لاتهام المملكة بأنها وراء تغذية الفكر الانتحاري للمتهمين الأربعة في تفجيرات لندن أمر غريب ومثير للعجب ، ونحن ننصح أصحاب هذا التدليس بمراجعة التصريحات المسؤولة التي أدلى بها دولة السيد توني بلير رئيس وزراء بريطانيا عقب أحداث التفجير في محطات مترو لندن. وحذر د. التركي من أن هناك جهات تتعمد الإساءة إلى علاقة المملكة العربية السعودية بالبلدان الغربية ، وفي مقدمتها بريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية ، مبيناً أن التقرير يحرض الولاياتالمتحدة بصراحة ووضوح على المملكة ، ويطالبها بإنهاء التعاون معها ، مبرراً ذلك بالمعلومات المغلوطة التي روجتها عن المملكة جهات معادية، تحرض على كراهية الإسلام والمسلمين ، وكيل التهم الباطلة للمملكة العربية السعودية التي عرفت في العالم بالدعوة إلى التسامح والتعاون والحوار، واعتمادها التوسط والاعتدال الإسلامي في ذلك. وفند معاليه الفرية التي تضمنها التقرير بشأن موقف المملكة العربية السعودية المعادي للغرب، مشيراً إلى أن قادة المملكة هم من رواد سياسة الاعتدال الدولي، وأن سياستهم المتوازنة التي توصف في المؤسسات الدولية بأنها سياسة حكيمة ، أوجدت للمملكة علاقات متميزة مع البلدان الغربية ، قائمة على تبادل المصالح المشروعة التي تستفيد منها الشعوب في البلدان الإسلامية والبلدان الغربية، وبين معاليه أن هذه السياسة الحكيمة للمملكة التي استلهمتها من مبادئ الإسلام في التعاون والتسامح واحترام الإنسان للإنسان، أهلتها للحصول على مواقع مرموقة بين المنظمات الدولية ، وفي مقدمتها هيئة الأممالمتحدة والمؤسسات والمفوضيات المنبثقة عنها ، ومنها المفوضية العليا لحقوق الإنسان، كما منحتها فرصاً لإقامة علاقات دولية متميزة ، ومن ذلك علاقاتها المتوازنة مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وروسيا وإيطاليا وغيرها. ولفت د. التركي النظر إلى ما أكد عليه المسؤولون في المملكة العربية السعودية من أن حكومة المملكة ومؤسساتها تبذل جهوداً مشهودة في محاربة الجهات التي تنادي بالترويج للتطرف والغلو والعدائية للآخر ، منطلقة في ذلك من الإسلام الذي قرر قاعدة الاحترام والتكريم والتفضيل لبني الإنسان، وأمر أتباعه بالالتزام بها، وذلك كما في قوله سبحانه وتعالى:(وقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) وهذا يقتضي وفق ما أعلنه علماء المسلمين في المجمع الفقهي الإسلامي ، التابع لرابطة العالم الإسلامي ، والتي تتخذ مقرها بمكة المكرمة في المملكة العربية السعودية ، أن تكريم الإسلام للإنسان يقتضي حمايته ، حيث جعله معصوم الدم والمال، كما ان مجامع الفقه وإدارة الإفتاء ومجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية بذلوا جهوداً كبيرة ومضنية في تعريف المسلمين وغيرهم بتحريم الإسلام للتطرف والغلو والإرهاب ، وانها أعمال خطيرة، لها آثار فاحشة وظلم كبير والمؤسسات الإعلامية والثقافية والدينية والأمنية فيها. ولخص د. التركي الموقف الشرعي الذي تتخذه المملكة من الإرهاب والإرهابيين وتتقيد به جميع المؤسسات فيها ، بما فيها رابطة العالم الإسلامي والهيئات التابعة لها ، حيث تعد الإرهابيين القتلة مفسدين في الأرض ، يستحقون الجزاء الرادع الذي شرعه الله سبحانه وتعالى للإرهاب والعدوان والفساد ، واعتبره محاربة لله ورسوله ، وفق الآية الكريمة {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم}. ونبه د. التركي إلى أن حكومة المملكة تعتمد في وسائل عقاب المجرمين ما جاء في الشريعة الإسلامية وهي عقوبات لا توجد في أي قانون بشري عقوبة تماثلها في شدتها ، نظراً لخطورة الاعتداء والأعمال الإرهابية والقتل ، الذي يعد في الشريعة الإسلامية حرباً ضد حدود الله وضد خلقه . وقال : إن رابطة العالم الإسلامي أعلنت موقف الإسلام نفسه في كل مناسبة حدثت فيها جرائم وأعمال إرهابية. واختتم د. التركي تصريحه بدعوة المؤسسات والأفراد التي تتحدث عن موقف المملكة العربية السعودية والجهات الإسلامية من الإرهاب والإرهابيين إلى توخي الدقة والإنصاف، وطالب بالرجوع إلى المراجع الدولية والمحلية الموثوقة في جمع المعلومات التي توصل إلى الحقيقة وعدم الالتفات إلى معلومات الجهات التي تعادي المملكة والإسلام والمسلمين ، مبيناً استعداد رابطة العالم الإسلامي لتقديم المواد والوثائق المطلوبة لمن يريد أن يتعرف على المواقف الحقيقية من الإرهاب، وبذلك سيتأكد المهتمون والمتابعون لمواقف المملكة من حقيقة المعاناة الكبرى التي تتحملها في مواجهة الإرهاب واستئصاله، والتعاون مع دول العالم ومنظماته في ذلك، مشيراً معاليه إلى أن الإسلام الذي هو نهج المملكة ونظامها، يحتم عليها العدل والإنصاف في التعاون مع الآخر، ومحاربة العدوان والبغي والفحش والمنكر الذي يتأذى منه الناس ويتضررون.