بقدر ما انفتح مهرجان أفينيون السنوي المسرحي الدولي منذ إطلاقه عام سبعة واربعين من القرن الماضي على فنون المسرح وإبداعاته في مختلف بلدان القارة الأوروبية بقدر ما ظل يعزف عن دعوة مبدعي القارة الإفريقية للمشركة فيه بشكل مكثف. وقد حرص المشرفون على المهرجان على جعل دورته السابعة والستين التي تقام من الخامس إلى السادس والعشرين من الشهر الجاري منفتحة بحق على المسرح الإفريقي . ولذلك أدرجت في الدورة عروض لكتاب ومخرجين وممثلين أفارقة من عدة بلدان . بل إن الممثل والمخرج والكاتب الكنغولي ديودونيه نيانغونا اختير في الدورة الجديدة بوصفه أول فنان إفريقي يشارك في الإشراف على جزء هام من برنامج المهرجان . وستقدم له على خشبات المهرجان نصوص عديدة. زد على ذلك أنه سيتولى إخراج عرض مسرحي ضخم عنوانه "شيدا" وهو عبارة عن عرض يجسد مختلف فنون الفرجة في الثقافة الإفريقية التي يضطلع فيها الصوت والجسد بدور أساسي. وبالتالي فإن لفن الرقص مثلا مكانة هامة في هذا العرض الذي أراد المخرج من خلاله التأكيد على أن حياة الناس اليومية في إفريقيا بهمومها ومآسيها وأفراحها وأتراحها هي في حد ذاتها مسرح نشط على امتداد الليل والنهار. الممثل والكاتب الكنغولي نيانغونا مع الفريق المشرف على المهرجان الخشبة في كل مكان ولم يقتصر الانفتاح على القارة الإفريقية على فنانين كبار يعملون ويقيمون في إفريقيا. بل تجاوزها إلى فنانين أفارقة آخرين غير معروفين وإلى مبدعين أوروبيين يستمدون جزئيا أو كليا مادة إبداعهم من هموم القارة الإفريقية وتاريخها وثقافتها. وقد حاول المشرفون على المهرجان من خلال هذه البرمجة ترجمة الروح التي ظلت مبدئيا تغذي مسار مهرجان أفينيون المسرحي منذ إطلاقه عام سبعة وأربعين من القرن الماضي. فالمهرجان ولد من خلال حرص صديقين فرنسيين رحلا هما الشاعر روني شار والمسرحي جان فيلار على تقديم عروض مسرحية سنوية في مدينة أفينيون تحول فيها القصائد الشعرية إلى عروض . وشيئا فشيئا أصبحت الأعمال الفرنسية الكلاسيكية الفرنسية تقدم خلال هذا المهرجان. وفي سنة ألف وتسع مائة وستة وستين أصبح في المهرجان تظاهرتان اثنتان إحداهما مخصصة لإبداع الفرق الرسيمة الوطنية والمحلية والأخرى مخصصة لأعمال الفرق الصغيرة الحجم أو الأفراد. وكانت عروض المهرجان تقام في البداية في ما يسمى " قصر الباباوات" فأصبحت تقام اليوم أيضا في الكنائس والمقاهي والقاعات الرياضية وعلى قارعة الطريق وفي السوق ومحطات القطار والحافلات وغيرها من الأماكن الأخرى التي تحول إلى خشبات طوال أيام المهرجان. كما تحولت شوارع مدينة أفينيون والقرى المجاورة لها إلى أماكن مملوءة بالملصقات التي تروج للعروض الرسمية وغير الرسيمة المدرجة في المهرجان . بقي القول إن المشرفين على المهرجان ينتظرون هذه السنة إقبالا كبيرا على العروض أكثر مما كان يحصل من قبل لعدة أسباب أهمها أن مدينة أفينيون غير بعيدة عن مرسيليا عاصمة الثقافة الأوروبية طوال العام الجاري.