شوارع جدة تعاني من مشكلتين مزمنتين، المشكلة الأولى وهي تنامي وازدياد عدد الحفر والأخاديد في هذه الشوارع بحيث أصبحت الحفر والمطبات سمة من السمات التي قل أن يخلو منها شارع في جدة. والمشكلة الثانية والأكثر خطورة وفتكاً بالصحة العامة وتلويث البيئة هي طفح المجاري وامتلاء الكثير من الشوارع ببحيرات المجاري التي لا تكاد تختفي من شوارع جدة.. حتى تعود مرة أخرى بصورة أوسع وأكثر خطراً وتهديداً لصحتنا. المرض تحت أقدامك فجأة تجد الشوارع التي تمر بها وقد امتلأت ببحيرات مياه الصرف الصحي.. وان عليك أن تكمم أنفاسك لتستطيع أن تواصل طريقك المحفوف بالروائح النتنة من كل صوب.. والمرض.. بل العديد من الأمراض والتي تجدها تجري تحت قدميك من خلال هذه المياه التي تقذفها مجاري الصرف الصحي على الشوارع. الكثير من أحياء جدة ما زالت تعاني من هذه المشكلة.. والتي في الحقيقة تصعب السيطرة عليها في غياب شبكة المجاري التي يمكن أن تنقذ مدينة من هذا الخطر الذي يهدد صحة سكانها.. وبنيتها التحتية. إلى وقت قريب كانت شكوى طفح مياه المجاري مقتصرة على الأحياء التي لم تصلها الشبكة.. ولكن فجأة ظهرت المشكلة حتى في الأحياء التي بها شبكة للصرف الصحي.. فقد فوجئ الكثير من سكان أحياء جدة القديمة مثل الشرفية والبغدادية والعمارية والهنداوية والكندرة وغيرها مؤخراً بغرق شوارعهم وامتلائها بمياه الصرف الصحي التي كانت تقذفها الشبكة على الشوارع لتغرقها في المياه العفنة والمرض. معظم توصيلات الشبكة في تلك الأحياء بعد ان فضحها الطفح اكتشف انها مسدودة ومتعلقة بسبب إنعدام الصيانة الدورية، وغياب المتابعة المستمرة.. فالعاملون في الصرف الصحي لا يكلفون أنفسهم بالتحرك والمتابعة، ومعرفة أحوال الشبكة إلا إذا جاءهم اتصال من مواطن أو عدة مواطنين غرقت شوارعهم بمياه المجاري. المشكلة هذه المرة إن عملية الخلل قد زادت رقعتها.. وامتدت على مساحة كبيرة من أحياء جدة بحيث غرقت الكثير من الشوارع فأصبح من الصعب أن يتم علاج هذه المشكلة بالسرعة المطلوبة رغم وجود الشبكة.. وتحولت شوارع العديد من الأحياء الى مستنقعات كريهة.. وبيئة مناسبة لتوالد وتكاثر البعوض.. وازدياد المخاوف من الاصابة بحمى الضنك التي أصبحت من الأمراض التي تهدد صحة سكان جدة. أكبر كارثة بيئية العديد من سكان جدة.. خاصة سكان الأحياء في شرق جدة الذين تقع أحياؤهم قريبة من بحيرة الصرف الصحي التي خصصتها أمانة جدة باستقبال مياه المجاري التي تشفطها سيارات الصرف الصحي من أحياء جدة التي لم تصلها شبكة المجاري بعد وتذهب بها إلى تلك البحيرة التي أصبحت تمتد على مساحة كبيرة من الأرض في أحد الأودية بين الجبال شرق جدة. هذه البحيرة اليوم تعتبر أكبر كارثة بيئية صنعتها أمانة جدة تهدد حياة السكان بأشد الأخطار.. ورغم ان الأمانة أكدت انها ستحل مشكلة هذه البحيرة وتقيم عليها بعض محطات التنقية لعلاج مشكلة الروائح الصادرة منها والتي تسببت في الإضرار بصحة سكان الأحياء القريبة منها إلا ان الأمانة حتى الآن لم تفعل شيئاً يذكر.. وما زال منسوب المياه في هذه البحيرة يزداد ويتوسع مما قد ينذر بأخطار لم تكن في الحسبان. الكثير من سكان جدة اقترحوا لحل هذه المشكلة وإنقاذ الناس من خطر بحيرة الصرف الصحي أن تقوم الأمانة بعمل أنابيب لنقل هذه المياه بعد معالجتها للمناطق الصحراوية المحيطة بجدة.. واستخدامها لسقي غابات ونباتات يتم زراعتها في تلك المناطق.. وعلى امتداد الطرق السريعة حول جدة.. لأن مثل هذا المشروع لن يكلف الأمانة كثيراً ويمكن أن يساهم فيه القطاع الخاص من أجل تكوين غابات من النباتات الخضراء في المدينة وفي المناطق المحيطة بها.. والبعيدة عن المساكن لأن ذلك سيساهم في تجميل تلك المناطق الصحراوية.. وإصحاح البيئة وتخليص جدة من هذا الخطر الداهم بعمل مفيد تقوم به معظم البلدان التي تهتم بصحة الناس.. وتنفذه معظم البلديات في البلدان التي تعمل وتبتكر.. وتنجز دون جعجعة وكلام لا حقيقة له.. بينما الأمور تزداد سوءاً وتنذر بالخطر!!.