على بعد بضع بنايات من ميدان التحرير تحول فجأة الصمت المطبق في منطقة وسط القاهرة المغلقة الى هدير من اصوات ابواق السيارات والطبول والصافرات والهتافات. وعبأت رائحة الفشار ودخان السجائر واللحم المشوي والبرتقال الذي تم عصره للتو الجو في الوقت الذي كان فيه مئات الالاف من المحتجين يصفقون ويهتفون ويلوحون بعلم مصر. وبعد هدوء استمر اشهرا عادت الحياة الى ميدان التحرير مهد انتفاضة 2011 التي اسقطت حسني مبارك. وانصب غضب المحتجين هذه المرة على محمد مرسي اول رئيس لهم منتخب بشكل حر والذي يتهمونه بانه جعل البلاد تنزلق فى الفوضى والركود الاقتصادي في الوقت الذي يركز فيه هو وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها على احتكار السلطة. واطلق المتظاهرون العابا نارية واخترق شعاع الليزر الاخضر الدخان المنطلق من هذه الالعاب. وحلقت طائرات هليكوبتر عسكرية في تذكرة للدور المحوري للقوات المسلحة. وصرخ شاب وهو يشق طريقه عبر الشوارع الجانبية المزدحمة"هذه ثورة." وسارت عائلات امام جدران امتلأت بالكتابات وملصقات حملات كشاهد على الاضطراب السياسي المتواصل في مصر منذ عامين ونصف. وقام رجال يعتمرون خوذات كتب عليها "حرس التحرير" وسترات خضراء عاكسة للضوء بحراسة الحشد. وارتدى شبان عصابات رأس كتب عليها"تمرد" وبطاقات حمراء كتب عليها"ارحل." وحمل على الاكتاف اطفال رسموا علم مصر على خدودهم. وكانت احتجاجات الاحد اكبر احتجاجات منذ الثورة التي اسقطت مبارك واعادت الى حد كبير الاجواء في التحرير الى الاذهان تلك الايام باستثناء الغياب الواضح للاسلاميين الذين نظموا تجمعا منفصلا لدعم الرئيس. وكرر المحتجون هتافات انتفاضة 2011 مثل "الشعب يريد اسقاط النظام" و"مش حنمشي هو يمشي." وخرج المصريون ايضا الى التحرير بأعداد كبيرة بعد انتخاب مرسي للاحتفال بفوزه بفارق بسيط على الفريق احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك والذي كان كثيرون يخشون ان يعيد الدولة البوليسية التي تحرروا منها للتو. ولكنّ تصورا واسع النطاق بان الحكومة التي يقودها اسلاميون اخفقت في اعادة الاستقرار والازدهار الاقتصادي جعل كثيرين ينقلبون على مرسى منذ ذلك الوقت. وقال احمد البدري وهو تاجر اعلاف "انظر الى البلد.رجعت للوراء 20 سنة. "نريد زعيما عادلا يحقق لنا الحرية والعدالة الاجتماعية. لا يهم من يكون ولكن يجب ان يكون عادلا." وسئل عما اذا كان يشعر بقلق من ان تبدأ مصر في اسقاط رئيس كل سنة فقال ان هذا مستحيل"اذا اصبح لدينا زعيم عادل فلماذا نسقطه؟."