قرّر مكتب المجلس التأسيسي أن يمنح الأولوية عند الانتهاء من مناقشة الدستور التي تبدأ غدا الاثنين لمناقشة مشروع قانون التحصين السياسي للثورة بالتفصيل، وانتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. ورغم التباين الكبير في مواقف النواب والكتل البرلمانية والساحتين السياسية والاجتماعية عموما حول هذا القانون برغم اتفاق الجميع حول مبدأ تحصين الثورة، ومحاسبة رموز النظام السابق المتورطين في منظومة الفساد، فإن التباين في المواقف حول المحتوى والتوقيت الذي يطرح فيه هذا القانون حيث يرى البعض أن أفضل طريقة لتحصين الثورة هو في تطبيق العدالة الانتقالية "المحاسبة والمساءلة" لكل من أجرم، وأن قانون التحصين المقترح قانون إقصاء جماعي أعد من طرف الحزب الحاكم بعقلية إقصائية وبغاية تصفية خصوم سياسيين ورسم خارطة الانتخابات المقبلة دون إيلاء أي اعتبار لمصلحة البلاد خاصة في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به تونس، والذي عجزت فيه السلطة الحاكمة على تجاوزه بتحقيق ولو النزر القليل من أهداف الثورة. وأكد بعض النواب أن قانون التحصين السياسي للثورة يمثل مصيبة للبلاد وسيساهم في تفكيك المجتمع التونسي كما أن تمرير هذا القانون سيلقي بظلاله أثناء مناقشة الدستور المفترض أن يكون دستورا توافقيا. وبيّن النائب خميس قسيلة أن "هذا المشروع لن يسمح بإنجاح المرحلة الانتقالية وهو يشكّل ضربة تهدّد مساعي التوافق حول الدستور، كما كشف ان الممسكين بزمام السلطة ليس لهم نية معالجة الاوضاع بثقافة القبول بالآخر". وقال العميد النائب فاضل موسى إنّه لا بد من إدماج قانون التحصين السياسي للثورة في مسار العدالة الانتقالية لأنّ هناك توافقاً بينها في مسألتي المحاسبة والمساءلة لكل من أجرموا، وقال أنّ قانون التحصين يقصي الأشخاص المنافسين سياسياً لذلك يجب أن تتم المحاسبة عن طريق العدالة الانتقالية وأعتبر العميد فاضل موسى أنّ قانون التحصين السياسي للثورة يعدّ مسألة سياسية بحتة تقوم على الإقصاء من الحياة السياسية مشيرا أنّه لا يختلف اثنان بشأن محاسبة من تورّطوا في العهد السابق، مؤكداً أنّ السبيل الوحيد للمحاسبة هي العدالة الانتقالية، ووصف قانون تحصين الثورة بأنّه ليس قانوناً عادلاً إنّما هو قانون تلميع يمسّ بحق الترشح للانتخابات وهو حق أساسي مكفول في الدستور، وهذا المبدأ يخالف مضمون هذا المشروع. من جهتها قالت النائبة لبنى الجريبي: "نحن في غنى عن الاختلافات التي يمكن أن تقسم نواب المجلس أو الشعب. وهذا المشروع وإن كان في غير محله من ناحية التوقيت لأننا في حاجة لمناخ تهدئة، إلاّ أننا مع مبدأ تحصين الثورة وغلق نافذة الرجوع إلى منظومة الاستبداد". وتشير الأطراف الداعمة لمشروع التحصين السياسي للثورة – أحزاب النهضة والمؤتمر خصوصا – المدعومين بلجان ما يعرف بحماية الثورة أن هذا القانون هو أحد أهم أهداف الثورة ومطلب شعبي لا بد من تحقيقه.