تزدحم المصائف السعودية وتزدان في هذه الأيام بالسياح والزوار، من داخل المملكة، وحتى من دول مجلس التعاون الخليجي في رحلات الهروب من أجواء الحرارة والسخونة والرطوبة والغبار. تتمتع معظم مصائف المملكة بأجواء معتدلة، ونسائم ساحرة، تتيح للزائرين فرصة قضاء أيامٍ جميلة مع أُسرهم، والاستمتاع بكل المنافع والمرافق والمنشآت والخدمات السياحية القائمة. من المناطق السياحية الجميلة في غرب المملكة: منطقة الهدا، الواقعة على قمة جبل غزوان، على الحافة الغربية لمرتفعات الحجاز، بإطلالة مباشرة على سهول تهامة، وبارتفاع نحو "2000"م عن سطح البحر، إلى الغرب من مدينة الطائف بنحو "20" كيلاً. وتتبع إدارياً محافظة الطائف، ومساحتها تزيد عن (200)كلم2. وتُعد ملتقى الطرق والمسالك البرية الرئيسة إلى مكةالمكرمة القادمة من جنوب المملكة وشمالها وشرقها وغربها. ويسكنها العديد من القبائل الحجازية التي استقرت فيها منذ فترات زمنية بعيدة. تتمتع الهدا بالعديد من المزايا الطبيعية والحضرية، التي جعلتْ منها منطقة جذب سياحي بامتياز. فمن يعرف الهدا ويقصدها، لن تغيب عن مخيلته وناظريه جمال مرتفعاتها، وقد كساها النبات والعشب والشجر، في لوحة ربانية تأسر المشاعر والألباب. وتبدو لزائريها أكثر إثارة وإمتاعاً، وجمالاً وإبهاراً. ولن تغيب عن مخيلته وناظريه كذلك جمال لياليها، وصفاء سمائها، وهي متشحة بأضواء القمر، وأنوار النجوم ووهجها. من يعرف الهدا ويقصدها، لن ينسى مذاق رمانها، ومشمشها، وحماطها ( تينها ) وبرشومها، وخوخها، وتفاحها، وتوتها، والبُخارى. ولا عبق وردها الجوري، ودهنه، ومائه المقطر. ولا الشاي السادة، والشاي بنكهات النعناع، والحبق، والدوش، والعطرة، والشيع، المُعد على كوانين الجمر. أُقيمت على مرتفعاتها، وامتداد سهوبها، وسهولها، الكثير من المنتجعات، والفنادق، والشقق السكنية، والحدائق، والمتنزهات، والملاهي، والمطاعم. وتتوفر عليها مشروعات البنية التحتية والطرق الدائرية والفرعية وشبكات المياه ومحطات الكهرباء والاتصالات، وكذلك منظومة خدمية تحتوي على العديد من المرافق الحكومية التعليمية والصحية، والخدمية. ولا يمكن استكمال الحديث عن المشاريع السياحية في الهدا، دون الإشارة إلى مشروع " تلفريك الهدا " المُقام على أعلى جبل الكر، بمحطتيه في أعلى الجبل وأسفله، ومنتجعه الترفيهي الكبير الملائم للعائلات والباحثين عن الراحة والمتعة والاستجمام. من جمالية هذا المشروع إتاحة الفرصة لمستخدمي عربات التلفريك في إمعان النظر والفكر بهذا الجبل الشامخ، بتاريخه، وطرقه، وتعرجاته، ومنحدراته السحيقة، وإمعان النظر والفكر كذلك في أحد أبرز معالمه الأثرية، وهو طريق المشاة " طريق الجمَّالة ودرب المشَّاية " الموغل في القدم، والمنحدر متعرجاً من أعلى الجبل إلى منطقة الكر، وإن اندرست بعض معالمه، من أثر السيول والأمطار، وقد كان في حين من الدهر عامراً بقوافل المسافرين والحجاج في طريقهم إلى مكةالمكرمة. وكم يكون الأمر جميلاً ومُقدراً قيام الهيئة العامة للسياحة والآثار، بدراسة مسألة إعادة تأهيل هذا الموقع التاريخي للمصطافين والزائرين وعشاق الرحلات والطبيعة. في مقابل هذه المزايا الطبيعية والحضرية، والمعطيات السياحية الإيجابية، لا تزال منطقة الهدا بحاجة إلى عنايةٍ أكثر بالتخطيط الحضري، لمعالجة البناء العشوائي، والأزقة والطرق الداخلية الضيقة والملتوية. وإلى عنايةٍ أكثر ببناء سياسات تسعير تربط العائد الاستثماري بجودة الخدمات المقدمة، فضلاً عن تشديد الرقابة على المساكن والمطاعم، وسواهما، بما يخص عنصري الجودة والنظافة، عبر تبني تطبيقات أشد صرامة، لتمكين الزوار والسياح من الحصول على أفضل خدمات ومنتجات سياحية ممكنة. كلمة أخيرة:منطقة الهدا منطقة جذب سياحي بامتياز، وهي بعهدة الهيئة العامة للسياحة والآثار، ومجلس التنمية السياحية بالطائف، ونتطلع جميعاً إلى قيام هاتين الجهتين بمعالجة كل المعوقات السياحية، بما يكفل تحويل الهدا إلى بيئة استثمارية نشطة، ووجهة سياحية مستدامة، تتيح للسائح أو المصطاف سياحة عائلية عالية الجودة بتكلفة اقتصادية مناسبة.