في مقال يوم السبت الماضي بعنوان (السياسي والديني) ذكرت أن السياسي حينما تعجز حجته عن مواجهة الحقائق يركب موجة الدين ولا يُبالي ولنا أمثلة لذلك من التاريخ العربي أشهرها القائد الضرورة الذي أصبح بين عشيّة وضحاها أميراً للمؤمنين وتنشر وسائل إعلامه صورته وهو ساجد وراكع أو وهو يرفع يديه بالدعاء. يكفي بالقائد أيّ قائد أن تكون له كاريزما جماهيرية ثم كم خطبة نارية تتلاعب بالمشاعر كي يجد ملايين الأتباع من الرعاع يهتفون له بالروح بالدم نفديك..إلى آخر هذا الزعيق الذي لم يخرج منه المواطن العربي المضحوك عليه بغير مزيدٍ من الفقر والتخلف والقهر. يقول غوستاف لوبون في كتابة الشهير "سيكولوجية الجماهير": في حالة الجمهور تتلاشى الشخصية الواعية للفرد وتصبح شخصيته اللاواعية في حالة من الهياج ويخضع الجميع لقوة التحريض وتصيبهم عدوى انفلات العواطف بحيث تلغى شخصية الفرد المستقل ويصبح عبارة عن إنسان آلي ابتعدت إرادته عن القدرة على قيادة نفسه. وهذا ما حدث تماما في حالة الجماهير العربية في لبنان وخارج لبنان حينما ضحك عليهم قائد مليشيا حزب الله صاحب العمامة السوداء في بلد (الكرافتة) أثناء ما كانت الطائرات الإسرائيلية تدك البنية التحية اللبنانية بالكامل عام 2006م وصاحبنا يهتف بالجماهير من داخل جحره بأن ما يحدث في ارض المعركة هو خسارة لإسرائيل وانتصار (إلهي) للمقاومة حسب ادعائه. المضحك المبكي أن الجماهير المتلقية لهذا الهراء صدقت بل احتفلت بهذا النصر المزعوم وحينما تكشفت الحقائق للعقلاء عادوا إلى صوت العقل الذي كانت تنادي به قيادة المملكة وبعض قادة الدول العربية آنذاك. اليوم انكشفت سوءات الحزب وعورات من يُديره بطريقة الريموت كونترول في طهران وافتُضح بكل ما لهذه الكلمة من معنى مما أدى ببعض رجال الدين الشيعة في لبنان إلى الانتقاد العلني لممارسات مقاتلي الحزب الوحشية ضد الشعب السوري. وكذا قيام مجموعة من المواطنين اللبنانيين هذا الأسبوع بمحاولة الاعتصام حول محيط السفارة الايرانية احتجاجاً على مشاركة الحزب في المعارك إلى جانب القوات السورية. الآن ما هي الحجة التي سيتذرع بها صاحب العمامة السوداء وكيف سيواجه أهالي القتلى من مليشيات الحزب الذين تنقل جثثهم الطائرات إلى مطار بيروت يومياً ؟ ربما سيجد مفردة شيطانية يضحك بها مرة أُخرى على عقول السذّج.