ارتفاع حصيلة قتلى زلزال ميانمار إلى أكثر من 1000    كاميرات المراقبة تفضح اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية    ثنائية مبابي تهدي ريال مدريد الفوز على ليجانيس    عيد الدربيات والفرحة فرحتان    " البيئة " تطلق تقنية الذكاء الاصطناعي لتعزيز الرقابة على المسالخ    896.551 شحنة بريدية تم تسليمها يوميا برمضان    545 مليون ريال ل 6 استثمارات سياحية بالأحساء    نائب أمير الشرقية يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الفطر المبارك    مُحافظ طريب يُهنئ القيادة ب عيد الفطر المبارك    الشرع يعلن الحكومة الجديدة.. ووزيرا الخارجية والدفاع مستمران    نائب أمير تبوك يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك    سار تعلن نجاح خطتها التشغيلية لموسم رمضان وتنقل 1.2 مليون مسافرًا عبر قطار الحرمين السريع    خادم الحرمين: عيد الفطر يوم فرح وسرور تتجلى فيه معاني الوحدة والتراحم والإخاء    شركة الجفالي للسيارات الموزع العام المعتمد لمرسيدس-بنز راعياً لبرنامج ( إفطار صائم ) لتوزيع مليون وجبة    وزارة البلديات والإسكان تنشر بيانًا توضيحيًا بشأن إغلاق فروع إحدى المنشآت الغذائية    المعايدة بين صمت يتكلم وعتاب رقيق    لماذا لا تخلد شاشاتنا ثقافة الأعياد    التنافر المعرفي بين العقلانية والعقلنة 1/ 2    شرف خدمة الحرمين    العيد انطلاقة لا ختام    الديوان الملكي: اليوم الأحد هو يوم عيد الفطر المبارك لعام 1446ه    الأمير محمد بن سلمان يُعزي قائد الجيش الباكستاني    ولي العهد يتلقى اتصالات من ملك الأردن ورئيس الإمارات وملك البحرين للتهنئة بحلول عيد الفطر    الرئيس السوري يعلن تشكيل حكومة جديدة    921 شهيدًا و2054 إصابةً منذ استئناف حرب الإبادة الجماعيَّة في غزة    لجنة الاستئناف ترفض احتجاج النصر    عيد حائل.. تقاليد متوارثة    «إثراء» للمجتمع انتماء    إطلالة على اليوم العالمي للمسرح    1320 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    الرئيس السوري يعين الشيخ الرفاعي مفتياً عاماً    الداخلية.. منظومة متكاملة لسلامة وأمن ضيوف الرحمن    أمير القصيم يشكر خادم الحرمين على تسمية مستشفى شمال بريدة مستشفى الملك سلمان    الحناء.. زينة العيد    بلدية وادي الدواسر تُكمل استعداداتها لعيد الفطر بتجهيز الميادين والحدائق    مُحافظ وادي الدواسر يُهنئ القيادة ب عيد الفطر المبارك    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس دولة الإمارات    أمير منطقة نجران يهنئ القيادة بمناسبة عيد الفطر المبارك    ولي العهد يوجه بتوفير أراض مخططة ومطورة للمواطنين في الرياض    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة حلول عيد الفطر    أمانة جدة تدخل موسوعة غينيس للمرة الثالثة    القيادة تعزي ملك تايلند في ضحايا زلزال بانكوك    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    غداً الأحد.. عيد الفطر في السعودية والإمارات وقطر والكويت    خلال أسبوع.. ضبط 25 ألف مخالف للأنظمة    إقالة دوريفال جونيور من تدريب المنتخب البرازيلي    بحضور سفيرة خادم الحرمين.. ترامب يقيم مأدبة إفطار رمضاني بالبيت الأبيض    برعاية سعودية.. سورية ولبنان تعيدان تعريف العلاقة    إعلان قائمة المساجد والجوامع والمصليات لصلاة عيد الفطر بمنطقة جازان    تجمع الرياض الصحي الأول يحقق أرقاماً قياسية في ختام حملة "صم بصحة"    أبشر بالفطور تختتم أعمالها بتغطية محافظات الشرقية و توزيع ٥٠ الف وجبة    إنجازات جمعية سدانة للحج والعمرة في الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك للعام 1446ه    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    "الرياض" ترصد إدارة الحشود في ليلة 29    أمانة الشرقية تزرع 5 آلاف شجرة و 10 آلاف وردة احتفاءاً بمبادرة السعودية الخضراء    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    سوزان تستكمل مجلدها الثاني «أطياف الحرمين»    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    









الأيدلوجيا والتعصب
نشر في الرياض يوم 11 - 06 - 2013

لعلنا لا نجانب الصواب، حين القول: إن كل نزعة أيدلوجية منغلقة، هي بالضرورة صانعة أو حاضنة للتعصب، وطرد المختلف، ونبذ المغاير.. لأن النزعات الأيدلوجية المنغلقة بطبيعتها ووفق بنيتها الداخلية، لا ترى الحق والحقيقة إلا لديها، ولا يتسع عقلها وقلبها وحسها، إلى مشروعات أو نظريات مغايرة أو مختلفة معها.. لذلك ثمة صلة عميقة تربط النزعات الأيدلوجية المغلقة بصرف النظر عن مضمونها وآفة التعصب الأعمى وكل مخزونها العدائي والإقصائي للآخرين.
كل منظومة أيدلوجية مغلقة بصرف النظر عن جوهرها الفكري، هي بالضرورة صانعة للتعصب، ومشجعة للمفاصلة الشعورية والعملية مع المختلفين مهما كانت درجة الاختلاف والتباين.. لأن المنظومات الفكرية المغلقة، لا ترحب بالتعدد
فالنزعات الأيدلوجية المغلقة الدينية أو الوضعية، تكون ممهدة وراعية لكل النزعات التعصبية التي تنشأ إما من قلب هذه النزعات الأيدلوجية أو على ضفافها وهامشها.. لذلك نجد أن هذه النزعات الأيدلوجية حينما حكمت وسادت في الفضاء الاجتماعي والسياسي، فإنها استخدمت أدوات الدولة ومقدرات السلطة لتعميم قناعاتها ونظامها الفكري، ومارست كل أشكال الحيف والقهر والظلم بحق كل الوجودات الاجتماعية المغايرة لها أو غير المنسجمة معها سواء على مستوى الأصول أو مستوى الفروع.. وذات الممارسة والسلوك، مارست النزعات الأيدلوجية الدينية المغلقة والدوغمائية، فإنها حولت الدين ومنظومته المعيارية كغطاء ومسوغ لطرد المختلفين معها ونبذ المتمايزين مع تفسيرها وقناعاتها المركزية والفرعية.. وما تمارسه الجماعات الأيدلوجية الدينية المغلقة والتعصبية من تكفير الناس وقتلهم والتفنن في إيذائهم المادي والمعنوي، ما هو إلا تجسيد عملي للقناعة الفكرية الآنفة الذكر، أن كل منظومة أيدلوجية مغلقة بصرف النظر عن جوهرها الفكري، هي بالضرورة صانعة للتعصب، ومشجعة للمفاصلة الشعورية والعملية مع المختلفين مهما كانت درجة الاختلاف والتباين.. لأن المنظومات الفكرية المغلقة، لا ترحب بالتعدد، وتنبذ الاختلاف، وتحارب ثقافة السؤال، وترفض النقد والمراجعة.. وتغطي كل هذه الممارسات الشائنة بعقلية تعصبية، تظهرهم وكأنهم الأحرص على قيم المجتمع والأمة، وهم على المستوى العملي أول من ينتهك قولا وفعلا قيم الأمة والمجتمع.. لذلك فإننا نعتقد أن مواجهة ظاهرة التعصب الأعمى للذات وقناعاتها وتاريخها وأفكارها، يتطلب رفض كل النزعات الأيدلوجية المغلقة سواء كانت حاكمة أو محكومة، لأنها نزعات تستدعي كل أشكال التعصب، وتمدها باستمرار بكل أسباب الحيوية والفعالية والاشتغال.
لذلك لا يمكن محاربة ظاهرة التعصب، إلا بالوقوف بوعي ضد كل النزعات الأيدلوجية المغلقة، التي لا ترى إلا ذاتها وجماعتها ولا يتسع منطقها لمنطق التعدد والتنوع والانفتاح.. لذلك هي تحارب كل هذه القيم، لأنها قيم مضادة لنهجها ومسيرتها الأيدلوجية والاجتماعية.
وحينما نرفض النزعات الأيدلوجية المنغلقة، فإننا لا نرفض فكرة الالتزام الأيدلوجي، لأنها بشكل عام من الحاجات الضرورية للإنسان، بحيث من الصعوبة أن نجد إنسانا بدون منظومة أيدلوجية تشكل بالنسبة إليه هي معيار الخير والشر، ومرجعيته الأخلاقية والسلوكية في الحياة.. ولكن ما نرفضه هي النزعات الأيدلوجية، التي تتعامل مع قناعاتها وأفكارها بوصفها، هي طوق النجاة والنجاح الوحيد، وتمارس القهر والعسف لتعميم هذه القناعات والأفكار، وتتعامل معها أي الأفكار والقناعات بوصفها متعالية على الزمان والمكان وغير خاضعة لشروطهما ومقتضياتهما.. فيتم التعامل مع قناعات الذات وكأنها حقائق علمية نهائية، ليست قابلة للفحص والمراجعة والنقد.
والذي يتجاوز أو يرفض هذه القناعات فكأنه تجاوز الحق إلى الباطل، لذلك فهو سواء كان فردا أو جماعة، يحارب في وجوده وحقوقه المعنوية والمادية.
لذلك على المستوى المعرفي والاجتماعي، العلاقة جد عميقة ووطيدة بين الأفكار والقناعات الدوغمائية المغلقة سواء كانت هذه الأفكار دينية أو دنيوية، سماوية أو وضعية وبين ظاهرة التعصب.
فالإنسان الذي يرى أن أفكاره تساوي الحق والحقيقة، فإنه سيتعصب لها ويحارب من أجلها، ويحدد موقفه من الآخرين انطلاقا من موقف هؤلاء من أفكاره وقناعاته.. ولا ريب أن هذه الممارسة التعصبية، تتجاوز قيمة الالتزام.. فالإنسان من حقه أن يلتزم بأي فكرة أو نظرية أو أيدلوجيا، ولكن ليس من حقه أن يتعامل مع أفكاره بوصفها هي الحقيقة الوجودية النهائية، والتي يخالفها، يخالف الحق، وينصر الباطل.
وإن الخيط الدقيق الذي يفصل بين الالتزام الأيدلوجي والتعصب الأيدلوجي المقيت، هو حينما يمارس الفرض والقهر والحرب لتعميم أفكاره وقناعاته.. فحينما يمارس العنف بكل أشكاله، لتعميم قناعاته فهو يتجاوز حدود الالتزام الطبيعي، أما إذا اعتز الإنسان بأفكاره، وعمل على تعميمها بوسائل سلمية – طبيعية، وتعامل مع قناعاته بوصفها حقائق نسبية قابلة للصح وقابلة للخطأ في آن، فإنه يمارس التزامه الطبيعي، وهذا بطبيعة الحال من الحقوق الطبيعية لأي إنسان.
من هنا فإننا أحوج ما نكون اليوم، إلى خطاب ديني واجتماعي منفتح وإنساني وينبذ العنف ويحارب التعصب بكل أشكاله.
لأن هذا الخطاب هو القادر على تدوير الزوايا، وتنمية المساحات المشتركة بين جميع الأطراف والأطياف، ويحول دون عسكرة المجتمعات واندفاعها صوب العنف وممارسته.
لذلك فإننا نعتقد أن الخطاب الديني - الإنساني والمنفتح والمتسامح هو إحدى ضرورات ومتطلبات انجاز وتعزيز الأمن الاجتماعي والسياسي للمجتمعات الإسلامية المعاصرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.