لايمكن اعتبار نجاح أي مشروع شبابي سعودي، إلا مفخرةً نتباهى بها، وحق لنا ذلك. فارس التركي، في مشروعه فطور فارس، وهو مشروع بدأ صغيراً، من خلال إنشائه هاشتاق يتابع فيه ما يعجبه من أطباق الإفطار كل يوم، وهو يتنقل من مطعم لآخر، يصور الأطباق، ويبدي رأيه فيها، حتى حوّل الفكرة إلى مطعم بثلاثة أدوار في شارع التحلية بجدة. المشروع مبهج، وبخاصة وأنت ترى أن الأحلام يمكن تحقيقها، إذا كان هناك من يخطط لها، ويعمل عليها، ويجد في تحقيقها. من دواعي البهجة أن 90 في المئة من العاملين في المطعم، من الشباب السعودي، رأيتهم في زيارتي لهم الأسبوع الماضي، فإذا بهم يشعون حيوية، وحماساً، وجمالاً، لا يجد أحدهم غضاضة، في أن يحمل الصحون، وينَظِّف الطاولات، بل ويحمل المكنسة في تنظيف دورة المياه، متيقناً، أن ذلك يرفعه ولا يخفضه، يقويه ولا يضعفه، يصنعه ويعركه ويصلب ظهره. كتبت عن فخري بهذا المشروع، وهؤلاء الشباب، فقال البعض هل هذا هو الأمل لشبابنا، ونحن دولة غنية؟! فأقول إن من ظنّ أننا نتمنى للعاملين هناك، أن يقضوا حياتهم العملية كلها في مطعم، فهو واهم، لكننا نعول على كل شاب من هؤلاء، أن يستفيد من هذه التجربة فترة من الزمن، ثم يتطور في المهن، حتى يكبر بها، وتكبر به، ولولا ذلك، لما كان وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي وزيراً، وهو الذي بدأ حياته المهنية مراسلاً، ثم ترقّى وتطور حتى أصبح في منصبه! العمل في مطعم ليس عيباً، والعمل الشريف أياً كان، لا يمكن أن يكون عيباً. العيب أن تسرق ولك سواعد تستطيع أن تحمل عليها دبات غاز، من الصحة والنشاط. أغنى دول العالم، وأكثرها تقدماً، علمياً واقتصادياً، تجد أبناءها يعملون في بداية حياتهم العملية، وأحياناً في أوقات الفراغ خلال دراستهم الجامعية، في المطاعم والمقاهي. تجد ذلك من اليابان شرقاً، وحتى أميركا غرباً، مروراً بالسويد وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا. يعملون في هذه المهنة فترة، ثم ينتقلون منها، إلى مهن أخرى، ولا يجدون غضاضة، ولا يلمسون حرجاً، فما الضير؟! لقد كانت العرب، تعتز بخدمة الآخرين، فتعلي من شأنها، وترفع قدرها، ولذلك قالوا، خادم القوم، سيدهم، والعمل في هذه الأماكن خدمة، ترفع الرأس، وتعلم الإنسان، وتكسر الغرور، وتقتل التكبر. بآخر السطر، شكراً فارس، أنت بالفعل فارس في التجديد والابتكار، والشكر للطاقم الذي يعمل معك فقد أثبت فعلياً أن الشاب السعودي متنوع المواهب والإبداعات.