سقطتْ أو لم تسقط القصير بيد جيش النظام وحزب الله، فتداعياتها أكبر من انتصار وهزيمة؛ حيث إن نوايا الأسد منذ أجداده الأوائل هي بناء الدولة العلوية على الساحل الشمالي؛ لأن جوارهم أقاليم تركية تسكنها أقلية علوية، وهذا الحلم بالدولة شبيه بخطط الأكراد في بناء دولتهم من إيران إلى تركيا مروراً بالعراق وسورية، والواقع أن الوصول إلى هذا الحلم قائم، لكن هل الظروف الدولية والإقليمية، والداخل السوري يسمحان بهذا الإجراء؟ النوايا الدولية لا تقاس بالعواطف، فقد فصلت أجزاء من الهند وأندونيسيا وأفريقيا، وتم خلق استيطان إسرائيلي في فلسطين، ما يعني أنهم مع الأمر الواقع إذا لم يؤثر في أمنهم ومصالحهم، وسورية التي تعيش معركة وجود، فكل الاحتمالات ترشحها لتطورات مجهولة، غير أن الأمر لا يتعلق بها وحدها، فتركيا قد تكون المتضرر الثاني في حال تقسيم سورية وخلق دولة جوارها، وبيروت وما حواليها ساقطة بقوة حزب الله صاحب الهيمنة على الدولة ومنشآتها، حتى إن ما جرى على الحدود السورية ودخوله المعركة بأوامر إيران، والاشتباكات العنيفة بين السنة والعلويين في طرابلس، كشفت عن أن الدولة وجيشها عاجزان عن أداء أي دور، وبالتالي فهل تتم تصفية وتهجير سكان هذه المدينة لإلحاقها بدولة العلويين، ليتم ضم الجزء الباقي من لبنان معها وفقاً لأمر يحسمه ويخطط له حزب الله؟! إسرائيل تحتفل وتصفق لتجزئة أهم دولة عاشت معها في حروب إلاّ زمن الأسد، وتعتبر نشوء هذه جائزة له لأنها ستكون شبيهة بها من حيث الأهداف وخطط المستقبل، وأول من سيعترف بها ويتواصل معها نتيجة حقد أزلي مع العروبة والإسلام، لكن ماذا عن دول الجامعة العربية التي لا تزال دموعها تسيح على ذهاب فلسطين، هل تُخلق فلسطين أخرى بوجودهم الحاضر، ولماذا الانقسام بين مؤيد للسلطة، وواقف ضدها للانحياز للشعب، ثم هل الأكثرية السورية هي التي تحتاج للدعم السريع والمباشر لتحصل على ما يخلق التوازن مع قوة الأسد، ويحافظ على المكاسب التي حصل عليها الثوار، وتلبية آمال الملايين من المهجرين في الداخل والخارج، أم التمتع بحصانة الصمت والالتجاء للدور الدولي الذي يجهز نعش أهم بلد عربي لجعله دويلات لإعادة «سايكس - بيكو» على تلك الأرض؟ روسياوإيران نجحتا في كسب معركتهما مع خصومهما في أمريكا وأوروبا، وهما تبنيان احتمالات المستقبل بأن أي كيان يُنشئه الأسد سيكون قاعدتهما العسكرية حتى إن هناك تصريحات لأحد المسؤولين الروس تقول: «حكم سني في سورية خط أحمر» ما يعني أن الأرثوذوكسية الروسية أصبحت جزءاً من الحروب الدينية، وهناك دافع أهم وأكثر إلحاحاً وهو أن مكتشفات الغاز على السواحل السورية، جزء من هدف أن لا يكون في المستقبل مزاحماً لصادرات غازها لأوروبا إذا ما حل ذلك بديلاً عنه.. الخطوط المتقاطعة كثيرة، والأهداف واضحة في زمن العرب المهزومين، ونتائج ما سيكون هي أخطر من سورية لأن تعميمها على المنطقة جزء من أهداف محتملة!!