ثمن المشاركون في الندوة الدولية الثانية حول "مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والحضارات" التي نظمتها في جاكرتا الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة بالتعاون والتنسيق مع مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والجامعة الإسلامية الإندونيسية، ثمّنوا مناشدة خادم الحرمين –حفظه الله- عقلاء العالم للتصدي لكل من يسيء للديانات السماوية والأنبياء والرسل، داعين المنظمات والمجتمع الدولي إلى إصدار وثيقة دولية تلزم الدول الموقعة عليها باحترام الأنبياء وتجريم الإساءة إليهم. الدعوة إلى نشر ثقافة الحوار وتضمين مادة في المناهج الدراسية لترسيخه وأوصى المشاركون في الندوة التي اختتمت أعمالها أمس في العاصمة الإندونيسية بمشاركة عدد من كبار المسؤولين والباحثين من البلدين ورموز الأديان بالجمهورية الإندونيسية بالعمل على نشر ثقافة الحوار وبيان ما تضمنه ديننا الحنيف من معانٍ سامية تتعلق بالحوار وآدابه والتأكيد على ذلك بتضمين مادّة الحوار في المناهج الدراسية خاصة في المرحلة الجامعية، لتكون وسيلة لنشر مبادئ الحوار وآدابه في المجتمع، وجعله طبعاً من طباع المجتمع وأسلوب حياة. وأشاد المشاركون في الندوة بتأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وأثنوا على أهدافه ورؤيته المستقبلية في تفعيل الحوار بين إتباع الأديان والثقافات الإنسانية من خلال المؤتمرات واللقاءات، التي تقوم على تأصيل الهوية الحضارية الإسلامية وبيان حقيقة الإسلام وقدرته على التعايش السلمي مع أتباع الأديان الأخرى، ورفض نظريات حتمية الصراع بين الحضارات والثقافات، والتحذير من خطورة الحملات والممارسات التي تؤدي إلى تعميق الخلاف وتقويض السلم والتعايش بين الشعوب. د. العقلا يتلو التوصيات كما أثنت الندوة وأكدت على المبادئ والاستراتيجيات التي تضمنتها أهداف المركز والمبنية في كثير من جوانبها على الخطاب التاريخي لخادم الحرمين - أيده الله - في الأممالمتحدة، والمتمثلة في مبدأ المساواة بين البشر في القيمة الإنسانية، وإقامة العدل، وإعلاء الأخلاق والقيم الفاضلة، والتأكيد على مبدأ الحوار وتفعيله بين الشعوب، ونبذ التطرف والإرهاب، وأن تطبيق هذه المبادئ في العلاقات بين الأمم والشعوب له آثاره الإيجابية على العالم واستقراره وسيادة الأمن والسلام وتحقيق الحياة الكريمة للمجتمعات الإنسانية. ورأى المشاركون ضرورة قيام المؤسسات العلمية والإعلامية في العالم الإسلاميّ بترسيخ المبادئ التي دعا إليها خادم الحرمين والتواصل بين مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات مع الجهات المماثلة في العالم في هذا الشأن لصناعة رأي عام عالمي يؤمن بهذه المبادئ ويدفع الجهات ذات القرار لتطبيقها واعتبارها، كما حثّوا الحكومات والقطاع الخاص على إنشاء قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية تهتم بموضوع الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، تشرف عليها هيئات شرعية. وأشاد المشاركون في الندوة بالجهود الإعلامية الهادئة والهادفة لوسائل الإعلام السعودية وغيرها في نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي نشر الدعوة الإسلامية وتصحيح صورة الإسلام والمسلمين ودعم قضاياهم، ونشر فكر الوسطية والاعتدال والدفاع عن الحقوق العربية والإسلامية. ودعت الندوة إلى توجيه المؤسسات والمنظمات الخيرية والدعوية في العالم الإسلامي إلى إبراز البعد الإنساني للإسلام في مناشطها المختلفة على مستوى العالم، وإلى تكثيف الندوات والملتقيات الحوارية بين أتباع الأديان والثقافات على جميع المستويات العربية والإسلامية والعالمية التي تبرز وسطية الإسلام وسماحته واعتداله وعنايته بالكرامة الإنسانية، وفي القضايا المهمّة التي ترسخ التعايش السلمي بين الشعوب، مع إبراز ما جاء به الدين الإسلامي من خلال تعاملات دولة الإسلام الأولى مع غير المسلمين. وثمّنت الندوة جهود المملكة في فتح أبواب الجامعات السعودية لتعليم أبناء المسلمين من كافة أرجاء المعمورة، وبخاصة الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة التي تخرّج فيها أكثر من ستين ألف خريج من مائتي جنسية وإقليم. ورفع المشاركون في الندوة شكرهم وتقديرهم لمقام خادم الحرمين لموافقته الكريمة على عقد هذه الندوة، وإلى فخامة رئيس إندونيسيا: الدكتور سوسيلو بامبانج يودويونو، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء والمستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين. وكانت الندوة قد انطلقت بحضور وزير الشؤون الدينية بجمهورية إندونيسيا الدكتور الحاج سوريا درما علي ومستشار خادم الحرمين والأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر وسفير خادم الحرمين الأستاذ مصطفى إبراهيم المبارك. وقد أكد الدكتور الحاج سوريا درما على أهمية الدفاع عن الإسلام والرد على الدعاوى الباطلة التي تتهمه بأنه سبب الإرهاب، وضرورة بناء التعايش من خلال الأسس والمبادئ القوية كي لا تكون هناك طاقات مهدرة عند المسلمين إذا لم يتحقق التعايش، وفي كلمته قدم ابن معمر الشكر والتقدير للجامعة الإسلامية على إقامة هذه الندوة العالمية تعريفًا بهذه المبادرة التاريخية التي تشكل في العصر الحديث المنطلق لترسيخ دعوة التعايش بين جميع الأفراد والمجتمعات والشعوب ما يؤدي بإذن الله بمدِّ جسور التفاهم والتعاون وتعزيز المشترك بين مختلف أتباع الأديان السماوية والفلسفات الوضعية من منظور الإخوّة الإنسانية والاحترام المتبادل. وأكد مدير الجامعة الإندونيسية على أنه يجب مواجهة مشاكل العنف والإرهاب والفقر والجهل بشكل مناسب مؤملاً بأن يخرج هذا الحوار بما يعزز نظام الحياة بشكل جيد ويحقق التعايش بعيداً عن العنف. من جانبه أوضح الأستاذ الدكتور محمد العقلا أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة ندوات تقوم عليها الجامعة في محاولة منها لتفعيل هذه المبادرة وإثراء موضوعها بالبحوث العلمية وأوراق العمل وذلك لتحقيق أهدافها في السعي لبيان سماحة الدين الإسلامي في حواره مع الأديان السماوية والثقافات وحُبّه للسلام ودعوته إليه. عقب ذلك بدأت جلسات الندوة حيث رأس الجلسة الأولى معالي مستشار خادم الحرمين والأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن عبدالرحمن بن معمر. فيما رأس الجلسة الثانية سفير اندونيسيا لدى المملكة سابقا الدكتور سالم سقاف الجفرى، فيما ترأس فضيلة عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة الدكتور قيس مبارك الجلسة الثالثة، أما الجلسة الرابعة والأخيرة فترأسها معالي مدير الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة. وناقشت الجلسات عدة قضايا منها الخطاب التاريخي لخادم الحرمين - حفظه الله - في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتأصيل العلاقة بين البشر في منظورها الإسلامي، وجولات الحوار بين أتباع الأديان والحضارات التي قادتها المملكة خلال الخمسة عقود الماضية.