أكدت الصحف في خبر نشر الأسبوع الماضي أن البنوك السعودية متعاونة رصدت ما يقارب 150 مليون ريال سعودي بهدف المساهمة في العمل الخيري على مستوى المملكة. المبلغ زاد على ما رصد العام الماضي لنفس الأهداف. نعم نتوقع زيادة سنوية من تلك البنوك نظراً لارتفاع أرباحها سنوياً. وإن كنا نشكر البنوك على ذلك المبلغ فإنني في الوقت نفسه اتساءل من سيدير وكيف سيتم توزيع تلك المبالغ..؟؟ لا اخشى من ضياعها ولكن اخشى من عدم وضعها في المجال الأهم. اعتقد أن ذلك المبلغ مع ما رصد لطيّب الذكر صندوق معالجة الفقر.. يمكن أن يكون نواة لمواجهة مشكلة الفقر فعلاً وليس مجرد اجتهادات. بداية لنتفق أن توزيع تلك الأموال على شكل مبالغ مالية على المحتاجين لن يجدي نفعاً بل قد يكون مضراً للبعض خاصة وأن بعض الأسر الفقيرة لا تجيد إدارة أموالها كما يجب..، أيضاً لا اتوقع أنه من الايجابي أن يذهب كمنح مالية لأسر المعاقين لنفس السبب خاصة وأن بعض الآباء هداهم الله يصرف تلك الإعانات إما على خادمة للأسرة أو رحلة لخارج البلاد. اعتقد أن اصعب شيء تواجهه الأسر الفقيرة أو متوسطة الحال هو السكن وبالتالي صرف تلك الأموال على إنشاء مساكن من شأنه أن يحقق اصعب الخطوات في علاج جزء مهم من مشاكل الفقر.. على أن نضع في الاعتبار أن تكون تلك المساكن مناسبة من حيث الحجم والتكلفة ليتم بناء أكبر عدد من المنازل خاصة لأسر الأرامل واللاتي يجدن صعوبة فعلية في توفير سكن لهن ولأطفالهن خاصة وأن رواتب المتقاعدين بعد الوفاة لا تكفي تلك الأسر والضمان يمنع من أي أسرة دخلها يصل ألف ريال فقط. أيضاً أتمنى أن يوجه جزء منها وتحت إشراف مباشر من وزارة الشؤون الاجتماعية للتدريب خاصة للشباب والفتيات من أبناء الأسر المستفيدة من الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية.. فتعليم هؤلاء من شأنه أن يفتح لهم مجالات العمل المناسبة لاحتياج سوق العمل خاصة إن تم اختيار برامج تأهيلية مناسبة ومتقدمة وإن استدعى ابتعاثهم لخارج المملكة فخير الأعمال الخيرية يكون في بناء الإنسان وتعليمه مهنة يكسب منها وتكفيه شر الحاجة. الأكيد أن تلك خطوة تشكر عليها البنوك المحلية وأيضاً نتوقع زيادة في نسبة تلك المساهمة بما يليق ببنوكنا وبما نتوقعه من مجالس إداراتها والتي تعلم أن في ذلك خيراً وبركة لأموال البنك وأيضاً تأكيد على المسؤولية الوطنية والإنسانية لتلك البنوك، وأيضاً نتمنى من مؤسسات القطاع الخاص الأخرى أن تأخذ بنفس المنحى وأن تخصص مبالغ مناسبة لأعمال الخير على أن يتم التنسيق بين مؤسسات القطاع الخاص برسم استراتيجية مناسبة لتوجيه تلك الأموال نحو أهم أعمال الخير بحيث نتجاوز عملية توزيع المنح بشكل عشوائي لا يعالج مشكلة الفقر وإنما يكون بمثابة المسكّن لبعض أوجاعه. ولعل قدرة البنوك على إدارة تلك الأموال واستثمارها لصالح الأعمال الخيرية يكون جزءاً من عملها الخيري الذي نتمنى أن لا يقف عند حد التبرع 150 مليوناً فقط.