مشكلة حين يتصدى للنصح من لم يخرج من منطق الغاب إلى منطق الدولة. انتشر هذه الأيام مقطع صوتي لشخص واضح أنه جاهل يتحدث فيه عن الحلول أمام الشاب العاطل. نصحه بدايةً بأن لا يطلب إلا من الله، ثم قال له ادع الله وانتظر 6 أشهر، وأضاف: "ان لم تجد مواري استجابة اسرق". نعم! ثم راح ينظّر للسرقة، فلا يسرق إلا الغني، وإن كان الغني بخيلاً فسرقته أولى، وأوصاه إن سرق بأن لا يسرق القليل بل الكثير وأن لا يخاف من "الدورية" ويقصد الشرطة، وكل هذه النصائح موجهة للشباب من شخص يبدو أنه في مكانٍ بعيد عن المناطق التي انتشر فيها التعليم والفهم المعتدل للإسلام. الغريب أن المقطع بدأ بضرورة الاتكال على الله، وهجر الطلب من الناس، ولكنه انتهى بتقنين السرقة، بل قال إن السرقة لها قوانين وشروط! من هذه العبارات التي تتناقل وهذا المقطع الصوتي الذي يتناقل على "الواتساب" تنتشر نظريات تهيج الشباب فعلياً. سرقة الغني والفقير واحدة، هناك بعض الآراء الفقهية التي تتحدث عن أن الجائع فيما لو أخذ تفاحة من مبسط يجوز له ذلك إذا خاف على نفسه من الهلاك، مثل هذه الفتاوى موجودة، أما أن تسرق القصور والسيارات، وتتوجه ضد الشرطة وضد منطق الدولة فهذا يعيدنا إلى زمن "قطاع الطرق" لا سمح الله والذي انتهى تماماً بفضل قيام الدولة وانتهاء زمن "النشالين". السرقة منتشرة هذا معروف، وفي الرياض خاصة، لكن الحملات التي قامت بها الإمارة في الأيام القليلة الماضية، إرادة جادة من الأمير خالد بن بندر أن يحسم الفوضى التي تحاول أن تستغل الجيوب والثقوب في العاصمة. نعلم أن السرقة تنتشر خاصةً في المدن الكبيرة حيث السيارات والزحمة وعدم الانتباه الدائم من قبل الشرطة، لكن الآن يجب أن تتكثف الحملات التي "تنظّف" فعلياً المناطق من الدنس الذي يعتريها وأن تدار بطريقة حقيقية وحازمة. مطاعم كبرى اكتشفنا هذه الأيام أنها تضع "السلطات" في سطول "دهانات"! وتطبخ الأكل بأدوات سباكة كما في مطاعم "المطبق" التي تقطّع الوجبات بأدوات "التلييس"! بآخر السطر، يجب أن نحافظ على منطق الدولة من الذين يدعون إلى منطق الغاب، فالعلم أساس التمدن والجهل أساس التخلف.