في إطار سياستها المتطلعة لغد يوطن الصناعات الأساسية، وضعت المملكة العربية السعودية تطوير صناعات الأدوية ضمن أجندة برنامجها الوطني لتطوير التجمعات الاقتصادية في السوق المحلية، في خطوة ترمي إلى المساهمة في تقليل حجم المصاريف التي تنفقها الحكومة على القطاع الصحي في البلاد. وقد أنشئ البرنامج الوطني السعودي لتطوير التجمعات الاقتصادية في عام 2008 بقرار من مجلس الوزراء بهدف مساعدة الحكومة في تنويع مصادر الدخل، الأمر الذي يتوقع أن يساهم في مزيد من مصادر الدخل خلال السنوات المقبلة. وكانت دراسات قد أجريت في عام 2008، نتج عنها استهداف خمسة قطاعات لزيادة القيمة المضافة داخل السوق المحلية، وذلك لاعتماد البلاد على توافر الميزة النسبية من مواد خام تتمثل في المعادن والبترول والبتروكيماويات والصناعات التي تستطيع من خلالها أن تنافس الأسواق الأخرى. وترتكز القطاعات الخمسة التي استهدفتها السعودية في عام 2008 في المعادن والبلاستيك والسيارات والخلايا الشمسية. وقد دخل قطاع الصناعات الدوائية في البرنامج الوطني السعودي لتطوير التجمعات الاقتصادية، من خلال التعاون الحكومي بين وزارة الصحة، و«البرنامج الوطني»، ووزارة التجارة والصناعة، وذلك بعد أن رأى البرنامج أن المملكة ستستفيد من هذه الصناعة، خاصة أن نسبة استيراد الأدوية والأجهزة الطبية مقابل الإنتاج غير متوازنة رغم وجود فرص واعدة في هذا القطاع. وكانت دراسة أعدها الخبير الاقتصادي وأستاذ مخاطر الدولة المساعد بالجامعة الخليجية الدكتور محمد خيري الشيخ قد أشارت إلى أن الصناعات الدوائية السعودية تمثل 80% من إجمالي السوق الخليجية، وتتخطى حاجز ال13 مليار ريال سنويا، وتعتبر منطقة جذابة للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وحسب الدراسة فقد اجتذبت مدينة سدير للصناعة والأعمال 6 مصانع متخصصة في صناعة الدواء والمستلزمات الطبية، فيما جذبت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية 4 شركات عالمية في مجال الأدوية، بقيمة استثمارية تتجاوز 1.5 مليار ريال. وذكرت أن المصانع السعودية الحالية تغطي 20% فقط من حاجة السوق المحلية الدوائية. صناعة الدواء بحاجة إلى مزيد من الدعم وتشير مصادر السوق إلى أن من أهم التحديات التي تواجه صناعة الدواء في المملكة تكمن في تذبذب سعر العملات، والبحث عن المواد الأولية الفعالة الجيدة، وارتفاع تكلفة الكوادر الوطنية المؤهلة للعمل في هذه الصناعة، إضافة إلى أن المملكة تعد من أكبر الأسواق المستهلكة للدواء في المنطقة العربية، إذ تشير الأرقام إلى أن هناك معدل نمو سنوي متزايدا، لكن أتباع سياسة السوق المفتوح جعلت الشركات المحلية المصنعة للدواء تعاني كثيراً من المنافسة الشديدة من قبل كبرى الشركات العربية والعالمية المتخصصة في هذا المجال. ويتزايد الطلب على المنتجات الدوائية بشكل مستمر في السوق المحلية حيث شهد السوق المحلي نمواً وصل إلى 12 % حسب مصادر السوق. من جهة أخرى كشفت إحصائية حديثة عن حاجة سوق العمل في مجال الصيدلة لأكثر من 50 ألف متخصص ومتخصصة في هذا البرنامج خلال السنوات الخمس المقبلة. وقدرت الغرفة التجارية الصناعية بجدة عدد الكوادر التي تحتاجها مدينة جدة في هذا التخصص بنحو 20 متخصصاً ومتخصصة في الصيدلة سنوياً وأن عدد العاملين من غير السعوديين يقدر بأكثر من 5 آلاف صيدلي في 3 آلاف صيدلية.