ذهب الشارع السوري إلى نقطة اللاعودة فى إسقاط النظام، وذهب النظام إلى نقطة اللاعودة في محاولة كبح جماح انتفاضة شعبه عليه، بكل ما أوتى من قوة أو عزم، هكذا يرى غالبية المراقبين السياسيين المتابعين للملف، لكن يبدو أن المجتمع الدولي ذهب إلى نقطة اللاعودة هو الآخر تجاه سوريا خاصة حينما حمل الأتراك مضمون رسالة لتخفيف حدة هذا الموقف ... ويقول على بكر الباحث المشارك في مركز الأهرام للدارسات السياسية: إن النظام السوري خسر كافة القوى الداخلية على اختلاف أطيافها من دون استثناء باستثناء الطبقة التي ينتمي إليها، وإن هذا يجرى تحت وقع الدبابات والصور التي لا يمكن احتمالها من الناحية الإنسانية تجاه سوريا .. ويعدد بكر، الإخوان في سوريا معارضة منظمة في الداخل والخارج ولها فاعليتها، وكذلك هناك شريحة كبيرة من الأكراد التي لم تفلح العطايا السياسية التي قدمها النظام في مهد الثورة في وقفهم عن الاحتجاج. وفى هذا الصدد أصدرت مجموعة من الأحزاب الكردية بيانا حصلت « اليوم « على نسخة منه، قالت فيه، إنه في الوقت الذي يمارس النظام السوري جميع أساليب وأنواع القتل والقمع والفتك ضد أبناء الشعب السوري واستباحة البلدات والمدن السورية من قبل قوات الأمن والجيش والشبييحة ويزداد أعداد الشهداء والمعتقلين والملاحقين والمهجرين, فإن الثورة السورية السلمية مازالت تتصاعد بوتيرة نضالية ولم يعد لها خيار سوى الاستمرارية والوصول إلى هدفها والخلاص من الاستبداد الذي جثم على صدور شعبنا لأكثر من أربعة عقود. وأضافت المجموعات الكردية إننا ومنذ انطلاقة الثورة فإن أبناء شعبنا الكردي كانوا ومازالوا جزءا حيويا وفاعلا في الاحتجاجات والاعتصامات والتظاهرات السلمية في جميع البلدات والمدن والمناطق على حد سواء مع إخوتهم السوريين بمختلف فئاتهم, وعلى الرغم من أن النظام استدرج البعض من الكرديين ذوي النفوس الضعيفة في مواجهة الشباب الثائر وإيجاد بديل لحركته السياسية و المحاولات المحمومة من تجاوب اليمين الكردي المتهالك والفصائل المنضوية في مجموع أحزابه، والمحاولات للالتفاف على تنسيقات الشباب الكردي للجمه ووقف تطلعاته وما ادعاؤه مؤخرا بتضامنه الشكلي مع الثورة وهو مستمر في حواراته مع النظام, فإننا في الفصائل المنضوية تحت مسمى ميثاق العمل الوطني الكردي والأحزاب الأخرى الموقعة على هذا البيان، أعلناها في اليوم الأول بمشاركة أحزابنا مع الثورة السورية ومشاركتنا مع انتفاضة الشباب وتنسيقاته، وحذرنا من توجهات النظام في التلاعب بالورقة الكردية وبث الفرقة بين أبناء الشعب السوري الواحد والعزف على اسطوانة المزاودات الوطنية والمؤامرة وآخرها ما نسمعه الآن بأن الوطن في خطر من التدخل الخارجي، وتجنيد أبواقه ومرتزقته من العرب والكرد في بث السموم والفرقة لحماية النظام الآيل إلى السقوط. وفي السياق ذاته هناك معارضة لا بأس بها من الأكاديميين وشريحة واسعة من المعارضة في الخارج التي لم تكن على توافق مع نظام الأسد من سنوات، كما أن الفريق الذي تسلل مبكرا من بعد نظام أبيه الراحل حافظ الأسد مثل عبد الحليم خدام وهذه الفرقة لا يمكن أن تتسامح في الخلافات بينها وبين النظام والفرصة قد جاءتها على طبق من فضة في إسقاط نظام الأسد. إن الفريق الذي تسلل مبكرا من بعد نظام أبيه الراحل حافظ الأسد مثل عبد الحليم خدام وهذه الفرقة لا يمكن أن تتسامح في الخلافات بينها وبين النظام والفرصة قد جاءتها على طبق من فضة لإسقاط نظام الأسد غير أن المعارضة السلمية الحقيقية التي في الشارع والتي لم تتبلور بعد في أطر تنظيمه هي التي تشكل خطرا وتهديدا حقيقيا على النظام السوري، كما يقول إبراهيم نوار الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية، الذي يرى أنه أصبح هناك نوع من تواصل الثورات، ولا يمكن على أي الأحوال ألا ينتهي الأمر في سوريا من دون إسقاط النظام. وهناك من يحاول الجزم أن سوريا هي النظام المقاوم الذي وقف من الصف العربي وحده ضد إسرائيل وأن هذا الأمر يحسب له، لكن هناك من يرى على العكس أن النظام السوري لا يمكن أن يضع هذا التصور بشكل واقعي وموضوعي، فيقول سعيد عكاشة مدير تحرير مختارات إسرائيلية الصادرة عن مركز الأهرام: إن النظام السوري صعد كلاميا فقط ضد إسرائيل، وإن هذا التصعيد لم ينطل على الناس، فلم يطلق رصاصة واحده ضد إسرائيل، والجولان لم يتحرر منه شبر واحد، بل على العكس أصبحت هناك عملية استقرار للوضع القائم، وكان هذا الأمر يسعد إسرائيل كثيرا، في الوقت يلعب فيه حوار ومفاوضات لا يدخل فيها النظام السوري ليصدر نفسه على أنه طرف مقاوم، تجاوبا مع مصالح إستراتيجية إقليمية ودولية أخرى. أصدقاء الأسد يتخلون عنه لتغاضيه عن الاستماع لصوت الحكمة التي تتضمنها الرسالة السعودية تركيا حليف سوريا الأهم، لم يتخلَ حتى الآن عن الصديق القديم ولكنه كما يقول الأشقر يحمل الملف السوري على كتفه مخولا بذلك من المجتمع الدولي لكن هذه ليست هي الإشكالية، فالأمر انعكس على سوريا تماما من خلال نزوح الملايين وهى ستواجه أعباءهم لا محالة، لكن الفكرة أن تركيا بدأت تضيق ذرعا بنظام لا يمكن لحزب العدالة والتنمية الحاكم أن يدعمه، والتظاهرات والفاعليات التي تشهدها تركيا خير دليل على هذه ويكفى أنها كانت مقرا لأول مؤتمر للمعارضة السورية في الخارج. ولم يكن هناك رهان على الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي لدمشق مؤخراً، حيث نقلت تقارير إعلامية أن كبير مستشاري الرئيس التركي لشؤون الشرق الأوسط إرشاد هورموزلو اعتبر أن التدخل العسكري غير محتمل ضد نظام الأسد، لكن في نفس الوقت يفهم من مضمون الرسالة التركية أن العلاقات أصبحت بينهما متوترة وعلى صفيح ساخن، فهناك كما يقول خالد على الخبير في الشئون التركية: لا يمكن أن نفهم هذا الدور بمعزل عن الموقف الأمريكي خاصة وأن هناك اتصالات تركية أمريكية في هذا السياق وتنسيق على أعلى المستويات. ويضيف الباحث خالد على إن مهلة الأسبوعين التي أمهلت هنا للنظام السوري من الجانب التركي، توضح أن هناك تكتيكا قد وضع للتعامل مع الأزمة السورية، وأن تركيا جزء من الخطة لتضيق الخناق على القبضة السورية. ويقول الدكتور الخبير عطا رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة أسيوط المصرية: إن ما يحدث في سوريا الشقيقة من أحداث دامية إنما يحز في النفس ويدعونا من باب الحرص على مصالح الشعب السوري الشقيق الطلب من الحكومة السورية موقفا جريئا وشجاعا لوقف نزيف الدم انطلاقا من مسؤوليتها في الحفاظ على الأرواح والممتلكات، وأيضا دعوتها لانتهاج سبيل الحكمة في التعامل مع ثورة الشعب السوري الشقيق، ومطالبه المشروعة، من خلال الإسراع بإدخال إصلاحات سياسية واقتصادية ملموسة على النظام السياسي برمته بما ينسجم وتحقيق تطلعات الشعب، الذي يعيش هذه الأيام في ظل عصر الربيع العربي. ويؤكد الناشط السياسي المصري الدكتور أشرف البيومي، أن الاستخدام المفرط للآلة العسكرية من قبل النظام السوري ضد المدنيين العزل والثوار المسالمين، الذين لم يعد الموت يرعبهم، قد كسر جليد الخوف، وبات النظام السوري لا يستطيع الحد من قدرة الشعب السوري الذي يتحدى كل إرهاب النظام واستبداد القوى الأمنية وفرق الموت التي تمارس أبشع الممارسات بحق الشعب السوري الأعزل، الذي يصمد برغم القتل والبطش والاعتقال الذي يقوم به النظام، فالقوة التي يستمدها الشعب تأتي ردا على شراسة النظام السوري. من جانبه حذر السفير حسام عيسى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، من خطورة استمرار الأزمة في سوريا، موضحا أن الإصلاح المخضب بدماء تراق، وشهداء يسقطون بشكل يومي لا يجدي نفعا، داعيا إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والتحرك العاجل لاستعادة الثقة المفقودة، قبل أن تتجه سوريا نحو نقطة « اللاعودة «، وذلك من خلال توفير شروط إقامة حوار وطني شامل يجمع كل أطياف المجتمع السوري، وحث دمشق على إجراء إصلاحات على المستوى الوطني لتجنب مخاطر تدويل لا نريده ولا تحتمله المنطقة. الشعب السوري يتعرض لإبادة منظمة من النظام تدعمها وحدات من العناصر الإيرانية وحزب الله ويرى المفكر السوري عدنان الروسان – المقيم في مصر - أن الشعب السوري يتعرض لجريمة إبادة منظمة، حيث يقوم الجيش السوري بإطلاق النيران على المتظاهرين بصورة عشوائية، فضلا عما يقوم به من ممارسات وحشية أخرى تتمثل في حرق البيوت والحقول، وبث الذعر والخوف، والاعتداء على الأطفال في كثير من المدن والقرى التي تقوم الأجهزة الأمنية بعمليات اقتحام لها، تدعمها وحدات من العناصر الإيرانية، وحزب الله، التي أكثر ما تظهر على هيئة قناصة تستهدف المدنيين، ومن يتردد أو يتراجع من القوات السورية في تنفيذ أوامر إطلاق النار لقتل المتظاهرين، ويعكس هذا الموقف التناقضات في السياسة الإيرانية، التي وقفت تناصر الثورات الشعبية والمظاهرات والاحتجاجات في الشوارع العربية، وتعلن تضامنها ودعمها لها، بينما اختلف الموقف في الشأن السوري، ووقفت تدعم النظام على حساب ثورة الشعب، مما يؤكد النوايا الحقيقية للسياسة الإيرانية التي تسعى إلى مؤازرة بعض القوى الموالية لها في المنطقة، من أجل تصدير ثورتها وتوسيع نفوذها بالعالم العربي. من جانبه يرى الدكتور صفوت البرعي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الثورة السورية بدأت تدخل مرحلة حاسمة، وأنه بالرغم من تكثيف النظام السوري عملياته العسكرية، واللجوء إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة ضد الشعب السوري،. بالرغم من تكثيف النظام السوري عملياته العسكرية، واللجوء إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة ضد الشعب السوري، لكن الواقع يؤكد أن هذه الثورة لا تقل بأي حال من الأحوال عن عظمة ما سبقها من ثورات نضال شعبي في تونس ومصر لكن الواقع يؤكد أن هذه الثورة لا تقل بأي حال من الأحوال عن عظمة ما سبقها من ثورات نضال شعبي في تونس ومصر، فالثوار السوريون الأحرار المسالمون، يخرجون للشوارع وصدورهم عارية لمواجهة نيران أسلحة النظام السوري وقواته العسكرية، من دون أي خوف أو تراجع. من جانبه يؤكد الدكتور محمد إبراهيم منصور رئيس وحدة دراسات المستقبل،أن تمادي النظام السوري في إزهاق أرواح الثوار، والاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان، وافتقاده « الحكمة»، وعدم التورع عن رفع وتيرة القتل في شعبه إلى درجة توجيه الدبابات لاقتحام المدن الآمنة والمسالمة، في محاولة لسحق الثورة السلمية واستعادة زمام الأمور في البلاد. قال الدكتور منصور إن هذه السياسة الدموية للنظام السوري جعلت العالم يضيق ذرعا بهذه الجرائم، ومن ثم بدأت تتزاحم عليه المواقف الدولية الإقليمية والعربية ، لتفتح الباب واسعا أمام حركة خارجية لمحاصرة النظام في سوريا، وتضييق الخناق عليه، ويبدأ يلف النظام حبل نهايته بيده حول رقبته، لتكون» النهاية الحزينة«.