والله زمان يا رسائل الورق.. طبعًا كانت في أيامنا، أو كنا أيامها، نستروح عبيرها تأتي من قريب بعيد الدار، أو حبيب قديم شط به المزار.. " لا تردين الرسايل ويش اسوّي بالورق وكل معنى للمحبّة ذاب فيها واحترق ".! وقبل أيامنا تلك كان البريد يأتي في البواخر وسيارات (أبلكاش) وكان موزع الرسائل يمتطي ( البسكليتة) أو الدابة التي شاركت إنسانها الماء والكلأ، وربما دون أن تتكلّم تعرف بريق الحب في عيون الناس.! من قال إن الحب اختراع إنساني ؟! كل الكائنات تتعارف وتتآلف.. وتحب يا صاحبي.. * * * أستمع كثيرًا إلى الرائع بدر بن عبدالمحسن، بصوت (فنان العرب) محمد عبده، أو رفيق دربه (صوت الأرض) الراحل طلال مداح يرحمه الله. تتدافع الكثير من الذكريات التي أتاحت لي التعرّف عن قرب على الكثير من كيميائية هذا المزيج الشاعري أو الخلطة السرية الوجدانية.. في ذلك الزمن المدوْزن كان البدر مع رفيق دربه الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل يرحمه الله، يزوران صديقنا المشترك الأستاذ عبدالله جفري الذي كان شعاره الحب.. ينشر شراعه في وجه الريح.. إن لصاحبة الجلالة الصحافة جاذبية وألقاً عند كل المبدعين : " الجريدة.. أدري ويش سرّ الجريدة.. به أحد يقطع وريده وينزف أخبارٍ جديدة.. دنيا مكتوبة ف ورق.. دنيا من دم وعرق دنيا مجنونة أرق.. وهَمْ انسرق ".! * * * (الشعر أعذبه أكذبه) .. طبعًا لم يقل البدر هذه العبارة، لكنه لا يتردد في التصريح بأنه - كأي إنسان مبدع - ينسى الأسامي.. والملامح.. وربما الحوادث، في لحظة مخاض ولادة شعرية جديدة أو قديمة متجددة : " عندي هموم القصيدة غامضة صعبة عنيدة لمّا أكتب أغنية مثل (الرسايل).. وانا أكذب.. والخيال الحلو كذب.. كنت لازم أخفي سرّي وما أقول ".! بدر إنسان تقوله الكلمة ولا يقولها.. تغنّيه (هو) قبل أن تتردد على ألسنة الناس، أو يرددها (هو) لحظة انبعاث لحنها الحديث الولادة.. * * * * آخر السطور: "الله يرد خطاك لدروب خلاّنك.. لعيون ما تنساك لو طال هجرانك.. دام الأمل موجود النفس طمّاعة لجل العيون السود السمع والطاعة".!