لكل من عظماء الموسيقى العرب إرثه وموسيقاه التي ما أن تلوح في أفق الآذان نغيمة منها حتى تقول إنها لفلان وان مبدعها فلان، هذا لكون عظام هذا النهج من الفنون أصحاب «بصمة» في الأصل ولم يدخلوا الحياة الفنية إلا وملء جوانحهم عبقرية موسيقية، ثم إن أحدهم لم يكن يتجرأ على دق باب قلعة أو سور الفن دون أن يكون أهلا للمكان الذي جاء راغبا في تبوئه، ونحن في حديثنا اليوم نتكلم عن الموسيقار الراحل محمد الموجي الذي كانت شرقيته العظيمة في دنيا الفن سببا في دخوله قائمة عظماء الموسيقى العرب، ومحمد الموجي كفنان أبدع أيما إبداع وسكن في وجدان الكل من خلال أغنياته العظيمة وألحانه التي لا يمكن أن يغفل عنها صاحب ذوق فني رفيع من أبناء حرف الضاد، وكانت أغنياته لشادية أغنيات رشيقة بطعم التاريخ والحياة الاجتماعية في مصر والعالم العربي، كذلك أغنياته لفايزة أحمد وهي الأغنيات التي أكدت وجود فايزة في خريطة الغناء العربي من خلال مصر «أنا قلبي ليك ميال»، ثم كانت روائعه القصيرة مع السيدة أم كلثوم في أوبريت «رابعة العدوية»، الذي مثلته سميحة أيوب مع حمدي غيث بصوت السيدة أم كلثوم، إلى أن جاء بتحفتيه الكلثوميتين «إسأل روحك، للصبر حدود» تميز الموجي بعد ذلك بتقديم عمل كبير لكل من الأصوات الكبيرة، يكون فيه تأكيد وتثبيت لمكانة هذا الصوت في الساحة وفي نفس الوقت كأنه يشي للنقاد ومتابعيه بكلمتين يقول فيهما «أنا هنا»، ومن هذه الأمثلة تحفته مع نجاة الصغيرة «عيون القلب» من كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وتحفته مع وردة الجزائرية «أكذب عليك». هذا كفنان، أما كإنسان فهو رحمه الله كان قريبا جدا من مجتمعنا الفني والإعلامي، حيث كثيرا ما كان يزورنا لارتباط جذوره وأسرته بمدينة ينبع، كما أنه سبق أن استقر بيننا طويلا في جدة من خلال صداقته مع سمو الأمير طلال بن منصور الذي أحيا الموجي ليلة زفافه في بداية السبعينيات الميلادية بصحبة طلال مداح ومحمد عبده وعبادي وغيرهم من الموسيقيين، مثل محمد شفيق، رحمه الله، وسراج عمر وسامي إحسان وعبده مزيد وعبدالله ماجد وتواب عبيد وغيرهم، وفي تلك الفترة قدم الموجي لطلال مداح لحنين خاصين به شدا بهما في مسلسله الشهير «الأصيل» وهما (ضايع في المحبة) و (لي طلب عندك حبيبتي) للأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن. فاصلة ثلاثية: يقول أرسطو: إن حبا أمكن يوما أن ينتهي لم يكن في يوم من الأيام حبا حقيقيا. ويقول بلزاك: إذا كان الجمال هو الذي يثير الحب، فإن الحنان هو الذي يصونه. ويقول فيكتور هيجو: الحب الحقيقي كالعطر النادر يترك آثاره مهما طال به الزمن.