فاصلة : «معرفة الآخرين علم، معرفة الإنسان ذاته ذكاء» - حكمة صينية- نشرت (واس) الشهر الماضي خبراً عن اختتام اللقاء التحضيري في نجران للقاء الوطني الخامس للحوار الفكري بعنوان (نحن والآخر.. رؤية وطنية مشتركة للتعامل مع الثقافات العالمية) وكان المشاركون خمسين يمثلون عدة فئات من أبناء المنطقة . وأبرز اللقاء مجموعة من التوصيات والنتائج التي تضمنت الدعوة إلى تأصيل وتحديد المصطلحات الدينية ذات العلاقة بالتعامل والتعايش مع الآخر وتضمين المناهج الدراسية لمهارات تعلم الحوار وأسلوب العلاقة مع الآخر وتربية النشء على المفاهيم الصحيحة المستقاة من تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين مع الثقافات الأخرى إضافة إلى تعزيز الحوار الوطني في الداخل بين المذاهب والأطياف الاجتماعية المختلفة توطئة للانطلاق ولتحاور مع الآخر. كما دعا اللقاء إلى تنظيم لقاءات حوارية عالمية مع المثقفين والنخب العلمية في المجتمعات والثقافات الأخرى والاستفادة من تقنيات الاتصال الحديثة بما فيها القنوات الفضائية . كلام جميل ولكني أفكر هل يستطيع الإنسان الحوار مع الآخر وهو لا يتقن مهارة الحوار مع الذات؟ الانطلاقة الحقيقية لإحداث أي تغيير في فكر الإنسان تأتي من الداخل وليس من الخارج، ولكي يعطي الإنسان غيره يجب أن يكون أولا قد أعطى ذاته، ولكي يتحاور مع الآخر عليه أن يكون قد نجح في التحاور مع ذاته وتقبلها وتقديرها. أعتقد أن البداية الحقيقة مع الذات وليس مع الآخر، فكثير من سلوكيات الرد يفسرها عدم فهمه لذاته وعدم تقديره لها، وبناء الذات يبدأ منذ الطفولة لكن تقديرها عملية مستمرة يمكننا أن ندرب الشباب وحتى الناضجين على اكتساب مهاراتها . إن إدراك الذات هو أحد العوامل الرئيسية التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية الأخرى .....إدراك الذات يعني قدرة الإنسان على تشكيل هوية خاصة به ثم بعد ذلك إلحاق قيمة بهذه الهوية . إذا كنت لا أؤمن بقيمة هويتي فكيف لي أن أتعرف على الآخر أو أقبله ؟ ثم إن إصدار الحكم على ذاتنا بقسوة فيه من المعاناة التي تجعلنا لا نستطيع التواصل مع الآخر،لأننا لا نستطيع التعبير بوضوح عن هذه الذات الداخلية أقترح على مركز الحوار الوطني أن يتبنى حوارا عن الذات ببرنامج تدريبي يشمل أطفالنا وشبابنا، إنها نقطة تحول في معرفتنا بأنفسنا وهي بداية الطريق لقبول معرفة الآخر