أكد نائب اللقاء الوطني للحوار الفكري الدكتور عبدالله بن عمر نصيف على أهمية الحوار بين جميع أفراد المجتمع السعودي لمعرفة الأفكار حول علاقتنا مع الآخر، وما هو شعورنا نحوه وشعوره نحونا، وأن نعرف السلبيات الموجودة لدينا ونعمل على تفاديها وتطوير الايجابيات في علاقتنا مع الآخر القريب والبعيد. وأشار الدكتور نصيف خلال اللقاء الحواري في منطقة عسير أمس الأول ضمن اللقاءات التحضيرية للقاء الوطني الخامس للحوار الفكري إلى أهمية إعطاء أكبر قدر ممكن من الناس فرصة للتعبير لنشر الرسالة الرئيسية لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وهي نشر ثقافة الحوار وتوفير القناة المناسبة للحوار وطرح القضايا الوطنية، وأيضاً التفاعل والتواصل مع جميع المواطنين في مناطق المملكة من خلال هذه اللقاءات الحوارية، ومعرفة أكبر قدر من الأفكار والآراء وبلورتها إلى نتائج يمكن الاستفادة منها. وشارك في هذا اللقاء (50) مشاركاً ومشاركة من الرجال والنساء من العلماء والمفكرين والشباب والمهتمين بالشأن العام من أبناء المنطقة. وفي بداية اللقاء ومناقشة المحور الشرعي في علاقتنا مع الآخر أكد المشاركون والمشاركات على ضرورة معرفة من «الآخر» لكي نتحاور حوله ومعه، وهل هو المسلم أو غير المسلم، السعودي أو غيره، أو حتى الذي نختلف معه، وهل لديه المعلومات الكاملة عنا وكيف يفكر تجاهنا وماذا يعمل ويقدم لنا، ثم بعد ذلك يجب إعطاؤه الصورة الحقيقية والواضحة عن مجتمعنا وعن قيمنا وأخلاقنا وثقافتنا ومعتقداتنا الإسلامية أو حتى رؤيتنا إليه، وقبل ذلك أهمية فهم أنفسنا وتحقيق ذواتنا من خلال الانتماء إلى ديننا ووطننا لكي نستطيع الحوار مع فلسفة الآخر التي لا حد لها والتي قد لا تتناسب وعاداتنا ومعتقداتنا، ويجب الانطلاق في مناقشة الحوار مع الآخر من خلال عقيدتنا الإسلامية وألا يتم تجاهلها في الطرح أو المناقشة، وألا نبالغ في حسن الظن من قبل الآخر تجاهلنا وأن هذا الآخر ليس كله خير وبنفس الوقت ليس كله شر، وأن نستخدم مصطلح «الآخر» وغير المسلم بدلاً من «الكافر» في الخطاب الدعوي الإعلامي والثقافي، وأن نبتعد عن تربية الأبناء على كره الكافر وتحقيره وعدم التعامل معه، وفي مقابل ذلك تعليمهم الضوابط الشرعية في تعاملنا مع هذا الآخر. وتطرقت إحدى المشاركات إلى إيضاح أهمية وجود الآخر بيننا وهم العمالة الوافدة بشتى أنواعها لأنهم في مقدمة الآخرين الذين نتعامل معهم ونتناقش عنهم، وضرورة احترامهم وعدم تهميشهم ومحاولة الاستفادة منهم، وأن نقل الصورة الجيدة والجميلة التي تهم الكثير منا عن مجتمعنا إنما تبدأ من خلال ما عرفوه من هؤلاء العمالة عما لدينا ومن تعاملنا معهم. وفي المحور الثقافي والحضاري تمت الإشارة إلى ضرورة ايجاد قواعد متعددة وتعريفات تساعد في تعليم الجيل الجديد الناشئ كيفية الحوار فيما بيننا ومع الآخرين من خلال المناهج المدرسية والجامعية، وذلك عبر البيت والمدرسة والعمل والشارع الذي يجمع الأطياف المتنوعة، والانتقال من كون الحوار ثقافة إلى عملية التطبيق والممارسة ليكون سلوكاً سائداً في جميع أنشطتنا وحياتنا، وتضمين المناهج الدراسية مهارات لغة الحوار وأنها لغة العقلاء وضرب أمثلة من ثقافتنا الإسلامية التي تدعو إلى التعاون والاستفادة من الآخر، وأن إنجاح أي علاقة مع الآخر لا بد لها من عنصرين هما الاحترام والفهم. وفي المحور السياسي والاقتصادي طالب البعض بتحديد موقف المملكة من القضايا العالمية والتي تمس واقع المسلمين والوقوف معهم، وتعزيز موقفها السياسي بين الدول الأخرى، وضرورة الالتزام بالاستخدام الجيد والأمثل للثروات الوطنية، والتركيز على تقديم الحوافز المادية والمعنوية للشباب والشابات في قطاع الصناعة والمهن الفنية، ودعم المهن الزراعية وتشجيع الاستثمار الزراعي في منطقة عسير، وقد توصل المشاركون والمشاركات في لقاء منطقة عسير إلِى مجموعة من النتائج والتوصيات وهي: المجتمع لن يقبل الحوار مع الآخر إلا إذا كان مؤهلاً، لذلك ينبغي إعادة بناء المجتمع وإتاحة المجال في تثقيف أبنائه وشبابه وتوفير الفرص التعليمية والتدريبية وغيرها بما يحقق التواصل مع الآخر. - التنوع الثقافي والحضاري سنة كونية، وهناك قيم مشتركة مع الحضارات الأخرى، وأوجه الاختلاف معها. والفهم المتبادل هو الخطوة الأساسية في الحوار مع الآخر. - الابتعاد عن العمومية في تحديد العلاقة مع الآخر والتركيز على أن تبنى العلاقة مع الآخر على المعرفة والاحترام والفهم والثقة وتبادل المنافع وإعمار الأرض. - دور الخطاب الشرعي في صياغة الهوية والبعد عن الإشكاليات السلوكية والانعزالية التي قد تؤدي إلى العنف والاضطراب الاجتماعي وانعدام التناغم مع المجتمع والاغتراب الداخلي عنه. - إحسان التعامل مع الآخرين خاصة ممن يعمل في المملكة، مع أهمية تضمين العقود مع العاملين في المملكة من المسلمين وغيرهم بنوداً تحدد العقوبات لمن يقوم بالإساءة لمن يعمل تحت كفالته. - دعم وتشجيع إقامة مراكز بحث وحوار حضاري مع الآخرين خاصة في مهارات الحوار والاتصال حضرها 25 شاباً وقدمها مدير إدارة التدريب وورش العمل بمركز الحوار الوطني عبدالله الصقهان وشرح فيها آداب الحوار وتطبيقاته، والأساليب الحديثة في ممارسة الحوار والتركيز على مهارات الاتصال مع الآخرين، وعرض نماذج من الثقافة الإسلامية.