الوطنية ليست في سُكنى الوطن، وليست في الانتماء الى اسمه فقط؛ بل هي أسمى من ذلك وأكبر. إن الوطنية الحقة هي: أن تستشعر مسؤوليتك تجاه الوطن؛ في المحافظة على أمنه ومقدراته، والذود عن حياضه وانتهاك حرماته. والمواطنة هي: أن تجتهد في عملك، فتؤديه بأمانة وإخلاص؛ منطلقاً من مبادئ دينك أولاً، ومعترفاً بحق وطنك ثانياً. إن الحديث عن القيم والمبادئ والتشدق بها؛ لا معنى له إذا لم يكن الوطن حاضراً في قلوبنا قبل ألسنتنا، وقد قيل (السعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ بنفسه)؛ فالأحداث من حولنا فيها من المواعظ والزواجر والتذكرة ما يكفي لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد. فواجبنا الالتفاف حول ولاة أمرنا، والدعاء لهم في كل وقت وحين، واستصحاب الحكمة في مناصحتهم، وهذا من أهم حقوق الراعي على رعيته. إن اللُّحمة الوطنية تتجلى في إذابة كل معاني الخلاف، والنظر في كل ما يحقق وحدة الصف، والسير بالسفينة الى بر الأمان، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف السامي والمقصد الشرعي - أعني استخلاف البشر في الارض وعمارتها - إذا ما ضاع الأمن، وانتشرت الفوضى، وانفرط العقد بعد انتظامه. اللهم أدم على بلادنا الأمن والاستقرار، واحفظ قادتنا وولاة امرنا وعلماءنا من كيد الأعداء وجهل الجاهلين، يا رب العالمين.