يتزامن تعرض الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى جلطة دماغية عابرة وتفجّر العديد من قضايا الفساد التي مست قطاعات سيادية على رأسها وزراء يحسبون على الرئيس وظلوا من أقرب رجالاته، لكن اسماءهم احتلت صدر الصحف المحلية مسّت مباشرة سمعة الرئيس الجزائري الذي جاء بهم وهذا في أوج النقاش حول الانتخابات الرئاسية 2014 وبروز تحركات تسعى إلى قطع الطريق أمام بوتفليقة للترشح لعهدة رابعة مثلما يروج له الموالون لسياسيته. وحسب التصريحات التي أدلى بها الأطباء الذين عاينوا وضع الرئيس الجزائري قبل نقله إلى المستشفى العسكري الفرنسي « فال دوغراس « الذي سبق وأن دخله العام 2005 لإجراء عملية جراحية بسبب قرحة معدية متبوعة بنزيف، فإن الوعكة الصحية للرئيس بوتفليقة عابرة ولا تستدعي القلق في حين نقلت صحف محلية عن أطباء مختصين في أمراض النفس والأعصاب أن مثل هذه الجلطات عادة ما تحدث عند الأشخاص الذين يعانون من الضغط الدموي وعند المتقدمين في السن مع وجود عامل القلق. ولا يمكن فصل القلق الذي يتحدث عنه الأطباء باعتباره العامل الرئيس في الوعكة الصحية التي استدعت نقل بوتفليقة إلى باريس عمّا كان قد كشف عنه قبل أقل من شهر مصدر رئاسي رفيع، فضل عدم ذكر اسمه، تحدث لصحيفة « الخبر « و قول الأخير إن بوتفليقة « يعيش بمرارة المشاكل التي تعصف بالبلاد « و إنه « غير راض عن حصيلة 14 عاما من حكمه « وإنه « لا يكاد يمر يوم واحد عليه دون أن تأتيه أخبار سيئة « وإنه « مستاء من أداء وزرائه « و إن فضائح الفساد المتوالية « أثرت عليه كثيرا « . كما لا يمكن فصلها عن الاتهامات غير المباشرة التي تطال شقيق الرئيس، سعيد بوتفليقة ، الذي ورد اسمه في وسائل إعلام وطنية ، ضمن ملفات تتحدث عن فضائح الفساد وعلاقة شقيق بوتفليقة بوزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل ، الوارد اسمه في قضية العمولات والرشاوى التي هزّت الشركة البترولية الحكومية العملاقة سوناطراك ضمن ما يعرف ب « قضية سوناطراك 2 « ، فضلا عن علاقات مشبوهة تربط سعيد بوتفليقة برجالات أعمال داخل الوطن وخارجه يستفيدون من دعمه للحصول على أسواق مقابل صفقات تعقد في الخفاء وهذا في وقت لم يتوقف الرئيس بوتفليقة عن معاهدة الجزائريين بقطع دابر المفسدين وتعقبهم وقراره إسناد مهمة التحقيق في قضايا الفساد التي اهتزت لها البلاد إلى فريق مختص في الاستعلامات العسكرية الجزائرية ضمن ما صار يعرف ب « حملة الايادي البيضاء « واستحداثه قبل أقل من شهر خلية على مستوى رئاسة الجمهورية تضم كبار المحققين المتقاعدين أوكل لهم مهمة متابعة ملفات الفساد ورفع التقارير المفصلة عنها إلى مكتبه. ولقد سبق للرئيس بوتفليقة أن عبّر عن قلقة مما يجري في الجزائر من رجّ اجتماعي وسياسي وأخلاقي كما لم تشهده البلاد من قبل، على رأسها فضائح الفساد وسلسلة الاحتجاجات الشعبية بالأخص بمنطقة الجنوب ومحاولة تنظيم القاعدة الاستثمار في هذا الوضع بدعوة الشباب إلى الانتفاضة، وكذا الاختطافات التي تطال الأطفال وصارت تنتهي بقتلهم، في الرسالة التي وجهّها للعمال بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات في 24 فبراير الماضي قائلا انه « ساخط ولا يمكن ان يمر مرور الكرام « على فضائح الفساد . ولم يعد خافيا على الجزائريين التوعك الصحي الواضح للرئيس بوتفليقة (76 سنة) الذي صار ينوب عنه منذ فترة وزيره الأول عبد المالك سلال في الزيارات التفقدية التي دأب عليها بوتفليقة لمتابعة وتيرة تطبيق برنامجه للإنعاش الاقتصادي في محافظات البلاد، كما قلّت تنقلاته خارج الوطن في الفترة الأخيرة وبات ينوب عنه الرجل الثاني في الدولة عبدالقادر بن صالح أو عبد المالك سلال، حيث كان آخر تنقل لبوتفليقة خارج الجزائر في يناير 2012 عندما لبى دعوة نظيره التونسي منصف المرزوقي بمناسبة احتفال تونس بالذكرى الأولى لثورة الياسمين. ولم يظهر الرئيس بوتفليقة خارج قصر الرئاسة إلاّ في الجنازات التي شيّع فيها الرؤساء الجزائريون الذين سبقوه إلى الحكم آخرهم رئيس المجلس الأعلى للدولة الراحل «علي كافي» و كان ذلك في 17 أبريل / نيسان الجاري .