حضرتُ مع مجموعة من الزملاء كُتّاب الرأي في الصحف وكذا بعض الإعلاميين لقاءً نظّمته المُديرية العامة لمكافحة المخدرات في العاصمة الرياض. أجزم بأن حضور اللقاء كانوا يدركون من قبل خطورة الوضع في بلادنا فيما يتعلّق بالمخدرات تهريبا وترويجا وتعاطيا، لكن بعد اللقاء تغيرت النظرة وازداد الخوف. الخوف على مجتمعنا الفتيّ من مصير مجهول جرّاء تلك الهجمات المنظّمة على بلادنا من قبل بارونات وعصابات ترويج المخدرات وغسيل الأموال. الخوف على شبابنا على وجه الخصوص حيث يمثلون ثقلاً سكانياً كبيراً وعليهم تُعقد الآمال في مواصلة إبحار سفينة الوطن الشامخة. عُرضت علينا أرقام مفزعة بالفعل ولا أبلغ من لغة الأرقام. يكفي بأن أذكر منها كميات بعض أنواع المخدرات المضبوطة خلال العامين 1432-1433ه: الحبوب المخدرة: تم ضبط أكثر من مئة وثلاثة وعشرين مليون حبة. الحشيش المخدر: أكثر من ستة وستون طناً. الهيروين المخدر النقي: حوالي مئة وأربعة وستين كيلوغراماً. هذا غيض من فيض، ولكم سيداتي وسادتي تخيل الكميات التي لم تُضبط وتم ترويجها وتعاطيها..! ظاهرة تهريب وترويج وتعاطي المخدرات مقلقة إن لم تك مرعبة رغم الجهود المشكورة التي بُذلت وتُبذل من قبل الأجهزة المعنية وعلى رأسها المديرية العامة لمكافحة المخدرات، إلا أن القضيّة يجب أن تُعطى الأولوية مع حوادث السيارات في كل خطة ومشروع تربوي في بلادنا. كلا القضيتين تستهدفان إنسان هذا الوطن ثروته الأثمن غير الناضبة فهل وجدتا العناية المطلوبة من قبل كافة مكونات المجتمع على المستوى الرسمي أو الشعبي؟ الجواب بكل أسف: كلاّ! دعوني أورد لكم ما حدث بعد اللقاء. كُنت مفزوعاً على وطني وناس وطني إذ المشاهد التي رأيتها في العرض مخيفة بالفعل، من هنا لا مجال لتخفيف وتهوين الحكاية. دخلت مباشرة على موقع (تويتر) وطرحت القضية ببعدها المفزع لعلي أجد آذانا صاغية. وجدتُ من تفاعل بكل جدية وطرح رؤاه حول كيفية مواجهة هذا الداء اللعين. لكن ما أحزنني هو سخرية البعض بردود وتغريدات توحي قبولهم واستحسانهم للمخدرات سيما وشخصيّة (المحشش) صاحب المقولات الكوميدية خفيفة الظل يتم تداولها وإعادة نشرها على نطاق واسع في برامج التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال ومنها الواتس آب. انتهت المساحة سأواصل الحديث في مقال قادم. * محطّة القافلة: "فلذات الأكباد زينة الحياة الدنيا أمانة سنُسأل عنها. الحذر.. الحذر.. فالحذر من الوقوع في براثن المخدرات حينها لن ينفع الندم".. (من كتيبات التوعية التي تصدرها المديرية العامة لمكافحة المخدرات). إلى اللقاء.