في مؤتمر "متجاوز" الذي أقيم في شيكاغو في الولاياتالمتحدةالأمريكية في الخامس من ابريل الماضي، تم استعراض أفكار وتجارب السعوديين المبتعثين. كان الهدف من المؤتمر هو بث روح الايجابية والتحفيز بين الطلاب المبتعثين. تم استعراض عدد من التجارب ولعلي هنا أقف عند أكثر تجربة أثارت "دموع" الحاضرين!! تجربة "شاكر علي" والذي عُرف بتأسيسه - مع آخرين - لموقع "سعوديون في أمريكا"، عرف "شاكر" بتعاونه وتفانيه في مساعدة المبتعثين وتقديم ما يهون عليهم مصاعب الغربة. كل ما سبق كان وجها لشاكر علي، لكنه فاجأ الحضور ليلتها بوجه آخر أو بالأصح بحكاية أخرى صنعت "شاكر"!! "شاكر" ولد في الطائف ولم يعرف من هم والداه الى الآن!! تربى يتيما، وقدر الله له أن تكفله سيدة كريمة ورغم ذلك واجه من قسوة المجتمع الشيء الكثير!! ظل السؤال الملح عليه "من هما والداي"؟! أين هما الآن؟! هل هم في عداد الأحياء أم الأموات؟!! كل هذه الأسئلة كفيلة بأن تحيل حياة الشخص لدوامة من الأسئلة والقلق الذي لا شفاء منه!! علاوة على ذلك، أسئلة المجتمع التي لا ترحم؟! من أنت؟ ما نسبك؟ ما قبيلتك؟ من أقرباؤك الخ. وهذا مفهوم لكوننا للأسف، مجتمع يحدد جزءا كبيرا من قيمتك كفرد والحكم عليك بحسب انتمائك العائلي والطبقي!! عانى شاكر كثيرا، ولكنه حول معاناته الى ايجابية، وكأنه قرر أن يبحث عن انتمائه الكبير والعائلي بشكل عملي، بمعنى حوله لانتماء انساني والتزام أخلاقي بمساعدة الآخرين وخصوصا الطلاب المبتعثين. حصل "شاكر" على الشهادة الجامعية، وأعتقد أنه في 5 "أبريل" حصل على شهادة أخرى، وهي الشهادة التي توثق له جرأته ومواجهته للمجتمع وبعثه لروح الأمل لدى الكثيرين. "شاكر" عندما فكر في الزواج، تم رفضه من 25 عائلة. ومع ذلك مازال يؤمن أنه سيجد من تستحقه ويبني معها حياة جميلة. "شاكر" دفع ثمن "اختلافه" فهو قدم نفسه للمجتمع ك "شاكر" فقط، كفرد مختلف عن البقية. لكن المجتمع له قوانينه ولعبته التي لا ترحم! لعبة الانتماءات وجلد الأفراد على ما لم يختاروه لأنفسهم!! "شاكر" نجح والحمد لله في تخطي ألم هذه التجربة. السؤال الأهم هنا ماذا عن غيره وهم كثر!! نعود لأسطورة "أن مجتمعنا الرحيم، والذي يحكم على الفرد بمدى تدينه وأخلاقه.. الخ". أسطورة سميتها لأنها فعلا كذلك!! وحكاية "شاكر" وغيرها من القصص التي وقفت عليها "شخصيا" بحكم اشرافي على تدريب الأخصائيات النفسيات في دور الأيتام، تشهد بمدى قسوة المجتمع!! ومثالياته الهشة! في النهاية، نحن مجتمع يتعاطف الآن ويقدر تجربة "شاكر"، ولكن ماذا سنفعل لنعالج الخلل! لنعالج هذه الثقافة!! لا شيء سوى مزيد من التنظير والكلام عن روعة مجتمعنا وتعاطفه وتميزه عن بقية المجتمعات!!