موضوع الستاند أب كوميدي أو الكوميديا الحية المرتجلة الذي نُشر الجمعة الماضية 12/4/2013، لقي تجاوباً وتأييداً لمعاناتنا من العنصرية كما لقي دفاعاً ممن يحتجون بالكوميديا الغربية أو الأمريكية التي تستعمل النقد بشكل كبير ويبدو أنه من الضروري توضيح الفروقات. فعلى الرغم من أن بعض الكوميديين الخمسة (فهد البتيري، نوفل، إبراهيم صالح، فادي الشهري وميسيسيبي إبراهيم) حاول أن يجعل من نفسه موضوعاً للنكتة مثل ميسيسيبي إبراهيم الذي جعل من لونه الأسود موضوعاً للتنكيت على أصحاب البشرة السوداء من السعوديين والمعروفين محلياً "بالخوال" وهي كناية عنصرية لكنه استخدمها بنجاح لتفكيك عنصريتنا التي نمارسها في مجتمعاتنا تجاه الاختلاف في لون البشرة. لكن اختياراته في هذا العرض كانت تنضح بالعنصرية والفوقية التي مارسها على غيره من السود، فوقع في نفس الإشكالية. وذلك من خلال تنكيته بحيث جعل من قضية لون البشرة الخاصة قضية ممجوجة. وقد انتقل من مستوى التمييز العنصري على أساس اللون إلى التنميط الفوقي بتناول الصور النمطية في المخيلة السعودية عن الغير بشكل لم يخدم النكتة بأي طريقة. وشيء شبيه كان في استخدام صور نمطية خاصة بالسعوديين عن جنسيات أخرى كالمصرية التي لم يوفق الكوميديون في توظيفها وحملوها عنصرية وتنميطاً مقيتاً ومسفاً للنساء والرجال. إن إشكالية العنصرية كما يبدو لازمة سعودية سواء على العالم العربي أو على بعضنا البعض ونجد أن عنصريتنا أخذت تنزح إلى الفنون أيضاً لا سيما عندما تكون كوميدية وكأن تسليتنا لا تأتي إلا من خلال ممارسة العنصرية على الآخرين والتي تعوض الكثير من الشعور بالنقص الذي نعاني منه. وقد وقف العالم أجمع ضد العنصرية بكافة أشكالها التي تميز على أساس الجنس أو النوع أو اللون أو الدين أو الإعاقة أو العرق ومحاكم أوروبا وأمريكا تحاكم على النكتة العنصرية وعلى التلميح العنصري. ونظراً لأن هذه الفنون تصلنا في آخر الزمان، ونظراً لأننا نأخذ من كل فن بطرف ليس منطلقاً من ثقافة متراكمة فإننا لا نصل إلى عمقه. ولم يصلنا بعد أن التنكيت على الآخرين يعد نكتة سمجة، ولم يصل الجمهور إلى مرحلة ألا يستملح التنكيت على الآخرين ويعبر عن ذلك بإصدار أي علامة احتجاج أو خروج من المسرح أو إرسال اعتراض إلى المنظم أو غير ذلك. ما زلنا في مراحلنا الأولى في إدراكنا فن التعامل مع الحقوق العامة والخاصة. فتجاوب الجمهور ضحكاً وتشجيعاً مع هذه النكات العنصرية جعلنا نستصيب ونتساءل، ألا يوجد عقلاء هنا، هل نحن الوحيدات اللاتي استنكرنا ما نسمع بالإضافة إلى من وجهت إليهم النكات العنصرية مباشرة مثل الجالية المصرية والسودانية؟ كان أمامنا ثلاثة اطباء من الشباب السعودي الواعد الذين تبادلنا معهم الملاحظات حول ما يشاهدون وأبدوا أيضاً امتعاضا واستياءً، لكن في ظل غياب الترفيه الجميل، يصبح هذا النوع من العروض جاذباً للشباب من كل مكان متجاوزين عن سلبياتهم، وهذا بالطبع ما يغذي الفنانين بالرضا عما يؤدون ويوهمهم بالنجاح. قلت في نفسي وأنا أستمع إلى اختيارات هؤلاء الشباب من النكات العنصرية والفوقية والمهينة مع بعض السوقية، من أين لشبابنا أن يأتي بالأفكار المبدعة ونحن ربينا على هذا النوع من النكات التي تعد مقبولة ومن يستنكرها يعتبر مبالغاً ونكدياً أو نكدية. فضلاً عن أن مجتمعنا ينضح بالعنصرية وبشعور هلامي بالفوقية ويفخر بالتنميط الذي يلمعه بالخصوصية والانتقاص من الآخرين، فمن أين لشبابنا أن يأتي بجديد؟ وأنا هنا أتساءل ولكني أبداً لا أبرر ولا أجرد فريق الهبوب أو الجهة المنظمة من تحمل المسؤولية.