لا يخفي على أحد منا أن التدخين يعتبر من أشد المخاطر التي تواجهها صحة البشر، إذ أن هذه الظاهرة تتسبب بشكل مباشر أوغير مباشر في قتل ما لا يقل عن 5 ملايين شخص سنوياً، منهم أكثر من 600 الف شخص من غير المدخنين، فمنذ أن اكتشف الإنسان نبات التبغ في أوائل القرن السادس عشر حتى عصرنا الحالي، لم تترك هذه الظاهرة دون مقاومة لمعرفة خطرها منذ اكتشافها وقد قام كثيرون بمعارضتها حيث اعتبر التدخين وسيلة هدامة للصحة. ومع مرور الزمن، أصبحت شركات عديدة تتنافس فيما بينها لرفع مبيعاتها وذلك عن طريق وسائل التسويق المختلفة مثل الإعلانات التجارية مما أدى لزيادة عدد المدخنين بشكل كبير، حتى أصبح غير المدخنين مجبورون على استنشاق دخان السجائر في الأماكن العامة مثل الحدائق ووسائل النقل، بل أن الحقيقة المؤسفة أن المدخن يستنشق حوالي 15% من محتويات السيجارة، بينما ينفث 85% إلى الهواء ليستنشقها الآخرون وهذا ما يسمي التدخين السلبي. وللأسف لا يدرك كثير من الناس أن المدخنين ليسوا الوحيدون الذين يواجهون الآثار السلبية الناتجة عن التدخين، بل أن التأثير يلحق بالأشخاص المحيطين بهم وخاصة الأطفال وحديثي الولادة، فقد أثبتت الدراسات العلمية أن الحوامل المدخنات أو المتعرضات للتدخين السلبي معرضات للإجهاض ووللولادة المؤثرة ولموت المواليد في الأشهر الأولى من الولادة، فأثر أول أكسيد الكربون والنيكوتين لا يقتصر على دم الأم فقط، بل يمتد إلى دم الجنين مما يعرقل عملية نقل الأكسجين من الدم إلى أنسجة الجنين، وهذا التأثير قد يفسر لنا سبب صغر حجم الأطفال المولودين من أمهات مدخنات أو معرضات للتدخين السلبي، كما أن الأطفال ونتيجة لصغرهم فأنهم يتنفسون بشكل أسرع من البالغين وهذا يجعلهم يستنشقون كميات أكبر من المواد الكيميائية الضارة مقارنة بالبالغين، وللتدخين آثار ضارة أيضاً على الأم المرضع التي تدخن أو التي تعرض نفسها للتدخين السلبي فقد تحرم طفلها الرضيع من لبن الأم نتيجة لقلة إدرار اللبن فيحرم الرضيع من الفوائد الغذائية للبن الأم. ويتسبب تدخين الأب والأم في تعرض أطفالهما إلى ما يلي: * التهابات الأذن الوسطى والإصابة بحساسية الصدر والجلد. * الإصابة بالنزلات الشعبية التنفسية المتكررة. * عرقلة إمتصاص الكالسيوم. * الإصابة بقيء وضعف الشهية مما يؤدي إلى تأخر النمو. * الإصابة بفقر الدم. * انخفاض في نسبة الذكاء. ويجب علينا أن ندرك بأن تأثير المدخنين لا يقتصر على صحة الأطفال بل قد يمتد إلى سلوكهم أيضا، فتدخين الأباء والأمهات قد يكون من أهم الدوافع التي تحمل المراهق على التدخين، ومن تلك الدوافع أيضا الرغبة في المغامرة، وتوفر السجائر، والاقتناع بواسطة الأصدقاء كما أن وجود وقت الفراغ في حياة الأطفال يلعب دورا كبيرا في وقوعهم في التدخين. كيف نحمي أطفالنا من التدخين وآثاره؟ * يجب أن يكون الوالدان هم القدوة والمثل الأعلى لأطفالهم في عدم التدخين. * تقديم النصيحة للأطفال بالابتعاد عن الأجواء التي يكثر فيها التدخين. * مناقشة مخاطر التدخين ومعرفة رأيهم تجاه التدخين من فتره لأخرى بطريقة غير مباشرة. * زرع الثقة في نفس الطفل وإيجاد الحل المناسب لما يضايقه فورا. * تشجيع الأطفال في الاشتراك في الأنشطة الترفيهية المتنوعة. * أقنع طفلك بضرورة عدم مصاحبة المدخنين. * إذا كنت مدخنا ولديك أطفال، فاجعل المنزل والسيارة منطقتين خاليتين عن التدخين. ماذا أفعل إذا اكتشفت أن أحد أولادي يدخن؟ * ركز على تحسين تواصلك مع طفلك. * اجعل هدفك هو إقناعه وليس إرغامه بترك التدخين. * قدم له نشرات مكتوبة حول مخاطر التدخين ولا تيأس من تكرار المحاولات. * اشرح رأيك للطفل عن التدخين وكن هادئا. * أخبر طفلك عن عدم ارتياحك من رائحته ولون أسنانه ورائحة نفسه. * لا تسمح له بالتدخين في المنزل والسيارة. * شجع طفلك بالاشتراك في الكثير من النشاطات الترفيهية التي تشغله عن التفكير في التدخين. * قدم له النصيحة بزيارة الطبيب ومراكز مكافحة التدخين لمزيد من التوعية. ختاما فإن التدخين يعتبر آفة العصر، والعالم كله يعاني بشكل يومي من الآثار المدمرة التي يخلفها التبغ ممن يدخنه أو يستنشقه، فهناك شخص يموت كل 8 ثواني بسبب التدخين وآثاره. * قسم التمريض - أطفال