تقضي السنون بمرورها ما لا تقضي الأمكنة. الزمن يشرد والجغرافيا تتحول. زياد الرحباني تمضي به الأزمنة حيث الأمكنة تنتظره. استطاع زياد الرحباني أن يتخطى الزمن برغم انغماسه التام إلا أنه يشفع له منجزه الثقافي المتمثل في الأعمال المسرحية والغنائية والإذاعية والصحفية. هذا السياسي الإشكالي -المثير للحنق- والكاتب العابث والشاعر المفارق والممثل العظيم الكسول وابن عبقريتين: عاصي وفيروز تصفى كل ذلك في صيغة الموسيقي(ملحناً ومؤدياً وعازفاً وكاتب أغنية )، وليس ذلك بالسهولة التي يمكن أن تطلق صفة عن تصنيف وكفى. فقد أجرى الزميل الصحفي سيد تركي حواراً مطولاً مع زياد الرحباني حين زيارته إلى القاهرة لإقامة ليلة موسيقية وغنائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي الخامس لموسيقي الجاز في حديقة الأزهر شاركه بها مجموعة من الموسيقيين والمغنين الذين يشكلون برنامجه الاحتفالي. ولم تكن هذه الزيارة الأولى لزياد فقد كان في القاهرة ربيع 2010 في ساقية الصاوي غير أن التحضير لإقامة حفل في القاهرة كان منذ عام 1998 حيث كانت الترتيبات ليكون في دار الأوبرا ولم يكن. وتعرضت محاور هذا اللقاء الصحفي بين السياسي والثقافي، وتورط زياد للحديث بلسان والدته حيث لا تتحدث فيروز بلسانها مجرد إيماء أو غناء. وأثير في الحوار أكثر من تعليق حيال أعمال زياد نفسها حيث رأى في أغنية "مش فارقة معاي" (مجموعة كيفك إنت-1991) إنها ذات لون مصري!. وهو ما يستدعي السؤال حيال الاستخدام المقامي وبناء الجمل الغنائية والفاصلة الموسيقية لكن الموضوع كان حالة توهم لا أكثر بينما رأى أنه استفاد من هيكل لحن أغنية "بتونس بيك" (1992) للسيدة وردة -اللحن لصلاح الشرنوبي- في أغنية "ولعت كتير" (مجموعة مونودوز -2001) التي سجلت بصوت سلمى مصفي. وأعطى آراءً اتسمت بصورة "انتزاع جواب" من المحاور لزياد عن فرقة "مشروع ليلى" و"سوب كيلز" حيث خص الأولى "ما بتعرف تتكلم عربي بالأساس" والثانية ب"كتابة الكبيروتر بتاعة الشباب. كتابة الفرانكو آراب"، ولم يمنع زياد نفسه من إعادة "التلطيش" بالموسيقي التونسي "أنور إبراهام" فوصفه بشكل تحقيري، وقد سبق له أن فعل هذا وتطاولا على بعضهما في الصحافة.