أكد اقتصاديون أن الأثار السلبية التي خلفتها العمالة السائبة في المملكة تتمثل في سلبيات اجتماعية واقتصادية وأمنية, مشيرين إلى أن القضاء عليها سيتيح الفرصة لإعادة هيكلة 90% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تملكها تلك العمالة تحت نظام التستر التجاري. وبينوا أن اقتصاد المملكة تكبد خسائر كبيرة في قطاع الكهرباء والبنزين وغيرها من المنتجات المدعومة من الحكومة بالإضافة إلى الخدمات العامة والمساكن والطرق, مشيرين الى أن القضاء على التستر والمخالفين يقضي على المنافسة غير المشروعة والتلاعب في الأسعار ويخلق وظائف جديدة ومؤسسات ناجحة ومربحة تدار بشكل نظامي, مؤكدين أن أهم ثمار الحملات إحداث توازن بين العمالة الوطنية والعمالة الوافدة في القطاع الخاص. تجارة مخالفة وبيع عشوائي ثمار التصحيح وقال الباحث في الشؤون العمالية ابراهيم الجوير: هناك ثمار اقتصادية واجتماعية عدة، من الممكن أن نجنيها إذا نجحنا في القضاء على العمالة السائبة والمخالفة في المملكة، ولعل أكبر الثمار، إيقاف تحويلات هذه العمالة، وتخفيف الضغط على البنية التحتية والخدمات، والأهم من ذلك قطاع العقارات, موضحاً أن هناك ما يقارب من 200 ألف منشأة صغيرة ومتوسطة في السوق السعودي تسيطر على 90% منها العمالة الأجنبية تحت نظام التستر التجاري. وأضاف: لو افترضنا أن متوسط دخل هذه المنشآت 5000 ريال شهريا لوجدنا أن الاقتصاد الوطني يخسر مليار ريال شهرياً, بخلاف المهن الحرة التي تعمل بها تلك العمالة بشكل مخالف. إبراهيم الجوير وبين الجوير أن ترحيل هذه العمالة يرفع المساكن المعروضة، مما يثمر عن تراجع الإيجارات، بخلاف الثمار الاجتماعية في القضاء على السرقات والتجاوزات الأمنية والمحافظة على التركيبة السكانية للمملكة, موضحاً أن حملات التفتيش ليست عادية وليست مثل حملات السنوات الماضية، إذ أنها هذه المرة تبدو عازمة على تحقيق أهداف إستراتيجية محددة، لتوفير فرص عمل حقيقية للعمالة الوطنية، وإيجاد توازن عادل في عدد الوظائف التي يشغلها المواطنون وعدد الوظائف التي تشغلها العمالة الوافدة في القطاع الخاص، بعد أن تأكد أن القطاع الحكومي لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من العمالة الوطنية، إذ بات مكدسا بعمالة زائدة عن احتياجاته. عبدالرحمن التميمي سوس الاقتصاد ويقول المستشار الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني: الحكومة تقدم دعما كبيراً للكثير من السلع الرئيسية التي لا غنى عنها، وأولها البنزين والكهرباء، وكما هو معروف أن جزءاً كبيراً من هذا الدعم يذهب إلى غير مستحقيه، وأعني بهم العمالة المخالفة والسائبة، التي أصبحت مثل السوس ينخر في عظم الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن الاستهلاك المحلي اليومي للمملكة من النفط وصل إلى أكثر من 4 ملايين برميل، يذهب معظمها لصناعة البنزين وتوليد الكهرباء، وهذا الاستهلاك يزداد سنوياً بمعدل 5%، وهو ما يهدد بتراجع كميات النفط التي ستصدرها المملكة لأسواق النفط العالمية، مما ينذر بتراجع دخل المملكة من البترول، الذي ما زال العمود الفقري لاقتصاد البلاد، مبيناً أن التقارير تشير إلى أن المملكة ربما تستهلك كامل انتاجها من النفط بحلول عام 2020. وأضاف: ستحد الحملات التفتيشية من تنامي استهلاك الطاقة، الذي يذهب جزء منه للعمالة السائبة والمخالفة، التي تشكل ضغطا كبيراً على كامل البنية التحتية للدولة، وعلى قطاع الخدمات من مياه وكهرباء وطاقة وسكن وغذاء. تحويلات غير شرعية من جانبه، ركز المتخصص في الموارد المالية الدكتور عبدالله السماعيل على التحويلات غير الشرعية للعمالة الوافدة، وقال: من المستحيل حصر جميع التحويلات المالية للعمالة الوافدة، خاصة إذا عرفنا أن جزءاً من هذه التحويلات لا يستخدم الطرق الرسمية في التحويل عبر البنوك، ويستبدلها بطرق أخرى، مثل شراء المعادن الثمينة، وتحويلها إلى بلاده، ويكفي أن اقتصادات دول عدة تعتمد على تحويلات أبنائها العاملين في المملكة، مضيفاً أن التقارير الأخيرة الصادرة من صندوق النقد الدولي أثبتت أن المملكة ثاني دولة في العالم من ناحية حجم التحويلات المالية عام 2012 بمبلغ يصل إلى 130 مليار ريال سنويا، وهذا يعادل حجم ميزانيات دول. وتابع: سيكون الوضع الاقتصادي أفضل لو بقي هذا المبلغ داخل المملكة، لاستثماره في الصناعة والزراعة والابحاث العلمية. وأكد أن أموال المملكة تخرج من البلاد بشكل غير منتظم شهرياً، عبر العمالة الأجنبية، مبيناً أن الخطورة الكبرى من العمالة السائبة التي تعمل في المملكة وكأنها في سباق مع الزمن، حيث تحرص على جمع أكبر مبلغ من المال، بطرق شرعية أو غير شرعية، وتحويله، تحسبا للقبض عليهم وترحيلهم في أي وقت. تنافس ظالم ووصف المستشار الاقتصادي عبدالرحمن التميمي الحملات التفتيشية أنها أكبر عملية تصحيحية لترتيب الأوضاع في سوق العمل، موضحاً أن المنافسة في هذا السوق غير متكافئة بين العمالة السعودية والعمالة الأجنبية المخالفة. وقال: الأفضلية بالطبع للعمالة الوافدة، وخاصة العمالة السائبة والمخالفة التي تعمل تحت أي ظروف وهي على استعداد للقيام بأي أعمال مقابل دخول متواضعة جداً، لا يمكن أن يرضى بها المواطنون، ومن هنا أدار القطاع الخاص ظهره للمواطن، ورحب بالوافد. وأضاف: القضاء على العمالة السائبة والمخالفة سيعزز مكانة العمالة الوطنية في القطاع الخاص، كما أنه سيحد من كثرة التحويلات المالية للخارج، وهذا كفيل بدعم الاقتصاد الوطني، ومنح الفرصة الكاملة للمواطن كي يعمل ويثبت نفسه في سوق العمل، بعيدا عن المنافسة.