عندما أجهدتها صغيرتها في الوصول لمستوى طاعة مناسب استسلمت وأصابها الإحباط فطفلتها كثيرة الصراخ، قليلة الطاعة، متوترة المزاج ولكنها ليست سيئة.. غير أن الأم تسعى دائماً أن تكون مع أبنائها في وضع مثالي، لذلك توجهت لأقرب مكتب استشارات اجتماعية تربوية وطلبت من الاخصائية المساعدة وبالطبع بادرت تلك الاخصائية للحضور والمشاهدة عن كثب تلك الحلقة المفقودة بين الطفلة وأسرتها من أجل إنقاذ تلك العلاقة بين الأم والأب وابنتهما. هذا طبعاً لا يحدث في مجتمعنا، بل في مجتمعات تؤمن بأن التربية علم ومهارة وقدرة. لدينا كثير من الآباء يعتقدون أن فنون وأساليب التربية فطرة مخلوقة معهم تنبثق مع ولادة الطفل الأول أو منذ إضافة ذلك الصغير إلى دفتر العائلة..!! وطبعاً أقصد الآباء والأمهات فكم يا ترى يبلغ عدد الفتيات اللاتي ثقفن أنفسهن في مجال التربية حين بدأت أحشاؤهن تبشر بوجود كائن حي يتطلب الكثير من التضحيات والعديد من الأساليب التربوية السليمة.. وكم يبلغ عدد الآباء الذين أهلوا عقولهم وثقافتهم لأساليب التعامل مع أبنائهم؟؟ بينما تقبل الأمهات الجدد على البحث في كيفية العناية الغذائية بصغارهن وأحدث الماركات العالمية لحماية أجسادهم من الحرارة أو البرودة.. وقد يستعد الآباء بتجهيز أفضل الغرف والأثاث لهم ولكن حين نتحدث عن التربية وأساليب التعامل مع هذا الكائن الحي، فإننا لا نسمع سوى المعتقدات والقناعات الموروثة على خيرها وشرها وكل الأمور في هذا المجال المهم لا تتعدى الاجتهادات وسماع النصائح.. ناهيك عن خبراتنا الشخصية والتي لا مفر من ظهورها وإن كانت سلبية فالمرء لا يدرك أبداً حجم مشاكله النفسية وعقده الاجتماعية. ما أود قوله هو أن التربية مهمة خطيرة ودقيقة تتطلب طلب العلم والمشورة من أصحاب الاختصاص والخبرة الايجابية السليمة والشخص المدرك لا يجد عيباً من طلب هذا العلم.. نعم فالبعض كما ذكرت لكم يعتقد أن الاعتراف بجهله في التعامل مع أبنائه لا سيما في مرحلة المراهقة الحرجة يعتبره عيباً فهو مؤمن بأن التربية هي فطرة.. وهذا في رأيي خطأ كبير. التربية علم.. على كل من أراد أن يكون أباً أو من أرادت أن تكون أماً التسلح به وعلى المؤسسات الاجتماعية العامة والخاصة تسهيل هذه المهمة التثقيفية لأفراد المجتمع سواء بإقامة المحاضرات أو بإعداد البرامج التلفزيونية الهادفة والأهم من ذلك ايجاد مراكز للاستشارات الفاعلة والتي قد تكون تجربة الغرب في هذا المجال ناجحة ولنا قبل ذلك كله في رسول الله أسوة حسنة فلماذا لا تعتمد تلك المراكز على التربية النبوية التي لا أعتقد أن الكثير منا فلح في تطبيقها.. الأبناء هم أغلى ثرواتنا الوطنية وفلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض.. وإن أرضنا الطيبة تستحق أن نسقيها ماءً غدقاً. [email protected]