عندما أيدت بكين في مجلس الأمن عقوبات تجاه بيونغ يانغ، اعتبرت الأوساط الدبلوماسية تلك الخطوة نادرة كون الصين دائماً ما كانت ذات مواقف متسقة مع كوريا الشمالية. ومارست الجمهورية الشعبية بهذه الخطوة دورها المتوقع أن تمارسه في إرساء الأمن في منطقة الباسفيك بتأييد العقوبات على نظام بيونغ يانغ الذي صعد في توتير المنطقة التي تنوي الولاياتالمتحدة تأسيس أكبر تواجد عسكري لها في إطار ما يعرف بالمحور الآسيوي والذي تبدي الصين تحفظات تجاهه. وتبدو الأزمة في شبه الجزيرة الكورية محكاً حقيقاً للقيادة الجديدة في الصين التي انتخبت شي جنبينغ رئيساً لها، لإظهار قدرة على التحكم في المنطقة خصوصاً في الملف النووي الذي يشكل تهديداً جدياً لدول الباسفيك - المحيط الهادئ . بالرغم من أن الباحثة ستيفاني كلاين من مجموعة الأزمات الدولية قالت في وقت ماضٍ أن الصين ترغب في إبقاء هذا الملف مفتوحاً لتمارس من خلاله سلطاتها. إلا أن المعطيات الجديدة بقدوم الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون الذي أمعن بشكل كبير في تأجيج المنطقة وإثارة غضب حليفه الصيني و"عدوه" الأميركي بإطلاق صاروخ إلى الفضاء قيل أنه تجربة لصاروخ بالستي وإجراء تجربة نووية، يجعل هذا الأمر الصين في موقف لا تحسد عليه خصوصاً مع تعويل المجتمع الدولي على بكين في هذا الموقف لنزاع فتيل الصراع في شبه الجزيرة الكورية إذ تجمع بكين وسيئول علاقة اقتصادية وسياسية مزدهرة في وقت تعصف بالصين واليابان أزمة سيادية. وبالرغم من دعوة بكين الأطراف في شبه الجزيرة الكورية إلى تغليب لغة العقل إلا أن تلك الخطوة يمكن ألا تكون كافية من أجل تحقيق آمن مستدام في الباسفيك إذ يمكن أن تكون هذه الأزمة اختباراً حقيقياً لقدرة الصين على ضبط التوتر في المحيط الهادئ. أطراف أخرى على الطرف الآخر تبرز دول يمكن أن تسهم بإيجابية في نزع فتيل الأزمة ومنها روسيا التي تربطها وكوريا الشمالية علاقات وطيدة تاريخية، وقد دعت موسكو إلى ضبط النفس وأنها على اتصال دائم بكل شركائها في العملية التفاوضية السداسية بشأن الوضع في شبه الجزيرة الكورية بهدف منع خروج تطور الأحداث خارج الأطر السياسية الدبلوماسية. الدول الأوروبية على الطرف الآخر يمكن أن تسهم بشكل أو بآخر في هذا الصراع خصوصاً دول مثل ألمانيا ذات الثقل الاوروبي التي دائماً ما كانت تعمل على عدد من الملفات باعتبارها وسيطاً محايداً بالرغم من الاختلاف الايديولوجي بين الجانبين إلا ان تجارب أخرى أثبتت إمكانية ضلوع اطراف ليست لها مصلحة في صراع ما من الدخول كطرف مصالحة. كما أن الطرف الكوري الشمالي قد أثبت أكثر من مرة ترحيباً وليونة بالوفود غير الرسمية حتى الاميركية منها، إذ مازالت زيارة الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر وبيل كلينتون هي نموذج لما يمكن ان يتم خارج الاطار الرسمي فيما يخص الازمات المتعاقبة مع نظام بيونغ يانغ. معاً الصين الشعبية وروسيا قادرتان بكفاءة على نزع فتيل أزمة وبإمكانهما تجنيب نفسيهما حرجاً دولياً من تدهور الوضع في شبه الجزيرة الكورية أو منطقة الباسفيك الحيوية في وقت العالم أحوج فيه إلى الهدوء.