زيارة رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ - ايل، الصين هي من بنات التقارب الصيني - الكوري الشمالي، اثر زيارة هو جينتاو، الرئيس الصيني، بيونغ يانغ في شباط (فبراير) الماضي. والبارز هو تزامن الزيارة هذه مع انبعاث التوتر في شبه الجزيرة الكورية، بعد غرق سفينة عسكرية كورية جنوبية تشتبه سيول في مسؤولية نظام الشمال عنها. وتحتاج كوريا الشمالية حاجة ماسة الى دعم الصين. فاقتصادها يتهاوى، وشعبها يعاني نقصاً غذائياً حاداً، بحسب منظمات غير حكومية كورية جنوبية. وتسعى بكين في تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في الدولة هذه لتفادي الاضطرابات المحتملة، غداة حكم كيم يونغ - ايل، واجتياح الجائعين الشماليين الصين. ويبدو أن بكين، شأن واشنطن، تلتزم الحذر في قضية غرق السفينة الكورية الجنوبية، ولا تؤيد اتهام سيول النظام الكوري الشمالي بالمسؤولية عن الحادثة. وتوحي الزيارة هذه ان بيونغ يانغ مستعدة لاستئناف مفاوضات الدول الست لنزع سلاحها النووي لقاء دعم بكين إياها. وتنفي بكين أنها تملك نفوذاً في بيونغ يانغ، حين تدعوها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الى الضغط على كوريا الشمالية. وعلى خلاف الأولوية الاستراتيجية الأميركية، وهي ملف بيونغ يانغ النووي، يتقدم استقرار كوريا الشمالية أولويات الصين. وتزعج طموحات بيونغ يانغ النووية بكين. فهي أشعلت فتيل ازمة دولية، وقد تسهم في زعزعة استقرار المنطقة، وفي اطلاق سباق تسلح نووي. ومنذ 2003، تؤدي بكين دور الوسيط في مفاوضات الدول الست مع كوريا الشمالية، وهي أيدت فرض عقوبات على النظام، في 2009. ويرى القادة الصينيون أن استقرار بيونغ يانغ مسألة حيوية. فبكين تواجه اضطرابات على حدودها الغربية في التيبيت وشينغيانغ، وتسعى في تجنب وقوع اضطرابات على حدودها الشمالية - الشرقية، والاضطرار الى استقبال آلاف النازحين ووقوع صدامات مع الأقلية الكورية في المناطق الحدودية. والحدود المشتركة بين الصين وكوريا الشمالية طويلة، وتبلغ 1400 كلم. ويرى الباحث الكوري الجنوبي، شيونغ سيونغ - شانغ، أن العقوبات الأممية أسهمت في تسارع انهيار الاقتصاد الكوري الشمالي، وفي «ارتماء بيونغ يانغ بين ذراعي بكين»، اثر فقدانها الأمل، في ختام 2009، في استئناف التعاون مع كوريا الجنوبية. وتحاول الصين وقف تدهور الأوضاع ببيونغ يانغ. وهي تريد ان تكون كوريا الشمالية حلقة في خطة تنمية محافظاتها الشمالية - الشرقية. وتطمح الى تحويل مدينة داندونغ، وهي بؤرة التبادل التجاري الرئيسة مع كوريا الشمالية، الى منطقة اقتصادية مزدهرة. واستثمرت بكين نحو 800 مليون دولار في تشييد مناطق صناعية في جزيرتين شبه مهجورتين على ضفاف نهر يالو الذي يفصل البلدين. واشترت حق استخدام مرفأ راجين الكوري الشمالي المطل على بحر اليابان، طوال عشرة أعوام. وعلى رغم المصالح الاقتصادية المشتركة، تبقى المصالح السياسية وراء تقارب البلدين. * مراسل، عن «لوموند» الفرنسية، 5/5/2010، اعداد منال نحاس.