المودعون في مصارف"كما نقول بالعامية"دَخْلهُم الما"، أو بالفصيحة ارتعدت فرائصهم، فزحف الذعر المالي أو ال Money Panic لا يقف بوجهه شيء، مثل السيل والجراد. عجز الإنسان أن يحول دون سيره أو اندفاعه. عندي أن الرسم الذي واجهت به الحكومة القبرصية المودعين يُشبه "القَطّه"– بفتح القاف. وقد ذهبت الأموال العربية إلى هناك بعضها خشية الربيع العربي والبعض الآخر لحمايتها من التضخم والاندثار. ولا أرى أن أيّا من أصحابها العرب أودعها هناك خشية الفقر لأن أكثرهم كما يقول التعبير العامي "تعدى الجاذبية" الفقر معروف. لكن التفقير هو ما أحاول تعريفه الآن ولو أن معلوماتي الاقتصادية قاصرة، رغم كون الاقتصاد هذه الأيام هو بناء - وأيضاً معول هدم - الحياة. التفقير هو الاستثمار في خارج الوطن، وهو أيضاً الودائع الكبيرة التي لا ينال فائدتها إلا صاحبها أو أصحابها. فهي - أي الودائع - تُغني الغير، وتُفقر الوطن وأظن الكثير يتفق معي. أعراض الفقر والشقاء والتخلف والتعاسة الداخلية في وطن. وأثرياء ذلك الوطن مودعون أموالهم في "ملاذ آمن" في جزر تبحث عن نفسها وسط القنال الانجليزي أو البحر الايرلندي أو الكاريبي أو في أرقام سرية في مصارف هنا وهناك - لا... هناك فقط..! وليس هنا...! استثمارات أهل المحطات الفضائية بدأت في لندن - وحتى الآن لا أدري لماذا - لكن الضرائب بدأت "تمخش" فغادروا لندن إلى الإمارات، وربما هم - إن شاء الله - في طريقهم إلى الوطن. ليساهموا في التوظيف والتدريب. أعتقد أنه جزء من التراحم الوطني أن نجعل أموالنا التي منّ الله بها علينا تخدم أهلنا في الحواري الغارقة في سوء النظافة والمجاري التي لا تهتم بها الكاميرات شديدة التأنق والتحضّر..! رغبة في مساعدة هؤلاء الناس استثمروا أموالكم أيها المستثمرون حتى لا تسقط صورة الوطن أو تظهرها كاميرات الإعلام العالمي مخاضة عفنة يستعملها من شاء ضدنا. التفقير أن لا نعمل شيئاً للوطن.. ونعمل الكثير لأنفسنا. ومن يُنفق الساعات في جمع مالهِ مخافة فقرٍ فالذي فعل الفقرُ .