الإعلام الرياضي جزءٌ مهمٌ من المنظومة الإعلامية، بأدواتها التقليدية والجديدة. وله جمهوره ومتابعوه من مختلف الفئات العُمُرية، خاصَّة فئة الشباب. هذا الإعلام يحظى بمساحة واسعة، وربما غير مسبوقة، في (حرية التعبير والنشر) أتاحت لأقلامه فرص التعبير عن رؤاهم وأفكارهم، والخوض في كل شؤون الرياضة والأندية، دون قيود مانعة أو خطوط حائلة، إلا من (الرقابة الذاتية والمجتمعية) التي تحكمها قِيم الموضوعية والمسؤولية والشفافية. هذه المساحة الإعلامية المتاحة لحرية التعبير والنشر، انبثقت عنها ممارسات إعلامية غلب على طابعها الوعي العام بالمسؤولية والمهنية، والموضوعية في الطرح، والشفافية في النقد، بما جعلها تثري الساحة الرياضية بشتى العناوين التي تصبُّ في مصلحة خدمة وتطوير الرياضة السعودية على وجه العموم، من خلال قيامها بكشف المثالب والعيوب، ومواطن الفساد، وتحديد المشكلات والمعوقات، وتنبيه القائمين على إدارة شؤونها بضرورة توجيه بوصلة العمل نحو معالجتها. في المقابل، وإزاء هذه الإيجابيات، ظهرت ممارسات سلبية، خرجت عن النصِّ، وابتعدت كثيراً عن مهنية الأداء وضوابطه، ولجأت مع الأسف الشديد إلى استخدام أساليب الشائعات والأقاويل المرسلة، والإثارة والتحريض، فضلاً عن العبارات الجارحة، والاتهامات القاسية، إلى هذا الطرف أو ذاك، دون دليلٍ أو واقعة محسوسة. يقف خلفها عشاق الأضواء والفلاشات، والباحثون عن الشهرة والصيت، الذين لا يقيمون وزناً لمهنية الأداء وحقوق الآخرين. فهم في واقع الأمر والحال: متطفلون على الإعلام الرياضي وحدوده وفضائه، بضاعتهم رديئة، وأهدافهم ضيقة ومواقفهم انتهازية. ومن المؤسف جداً أن تؤثر هذه الممارسات على درجة مصداقية الإعلام الرياضي، لدرجة تحميله مسؤولية جزءٍ - على الأقل - من إخفاقات الكرة السعودية خلال الفترة الماضية أو الراهنة. الأمر الذي دفع ببعض الأقلام والأصوات للمطالبة بالتدخل، لتصحيح مسار الإعلام الرياضي، بحجة المحافظة على مصداقية الكلمة وشفافيتها، وعدم الانزلاق بها نحو متاهات ومسارات خاطئة، وجرى في هذا السياق تطبيق بعض العقوبات المادية والمعنوية على المتجاوزين لمهنية الأداء. قد يكون من غير المفيد في تقديري - وتحديداً في هذه المرحلة - التَّوسع في تطبيق مثل هذه العقوبات، بلْه ينبغي حصرها في أضيق نطاقٍ ممكن، لحداثة التجربة، وحاجتها إلى مزيدٍ من الوقت حتى يمكن أن تنضج ممارساتها. والتعويل بالتالي في تصحيح المسار على آلتي: الرقابة الذاتية، والرقابة المجتمعية، وعلى الوعي بأنَّ حرية الكلمة أمانة ومسؤولية، تنتهي قطعاً عند حدود حرية الآخرين. كلمة أخيرة: من المؤكد أنَّ حرية الكلمة، وفق معاييرها ومبادراتها الموضوعية، هي الوعاء الذي يمكن من خلاله ممارسة الأدوار الإيجابية لجهة خدمة الرياضة السعودية. وخدمة كل قضايا المجتمع والوطن. وقد يكون وقعها أحياناً قاسياً ومؤلماً، إلا أنَّ الضرورة إليها مثل الضرورة إلى الدواء، مذاقه مرٌ ولكن فيه الشفاء بإذن الله. من مأثور الحِكم: وَلا تَرْمِ بِالأَخْبَارِ مِن غَيْرِ خِبْرَةٍ وَلا تَحْمِلِ الأَخْبارَ عَنْ كُلِّ خابِرِ