ما يحدث في وسطنا الرياضي خلال السنوات الأخيرة لا يصدقه عاقل.. فالفوضى العارمة.. الفساد المتفشي.. الرشاوى العلنية.. المنشطات.. النفاق الإعلامي.. التعصب الجماهيري.. أصبحت هي الأصل في رياضتنا وعكسها هو الاستثناء.. ولم يتبق سوى (المراهنات) لكي تكتمل المعادلة.. ونظرتي لواقع رياضتنا ليست نظرة سوداوية أو تشاؤمية كما يظن البعض، ولكن هذا هو واقعنا الأليم الذي أصبح لا يطاق سيما وأن هذه المظاهر (القبيحة) التي شوهت صورة رياضتنا وهزت أركانها وطمست معالمها وشلت مفاصلها ستقودها للهاوية وستكتب (بالبنط العريض) نهايتها... قبل موسمين أو أكثر فاحت رائحة الرشوة التي كان أطرافها ناديي نجران والوحدة واللاعب جابر العامري، وهذه القضية التي ملأت الوسط الرياضي ضجيجا في تلك الفترة تم وضعها في صندوق وأُغلق عليها (بالضبة والمفتاح) دون اتخاذ أي قرار وكأن شيئا لم يكن، وقبل شهرين أُثيرت قضية مشابهة ولكن أطرافها مجهولو الهوية ولحقت بسابقتها، وقبل أسبوع فجر لاعب السنوكر نايف الجعويني قضية جديدة كشف من خلالها التلاعب والعبث الذي يمارسه اتحاد اللعبة، وهذه القضية ما هي إلا امتداد طبيعي ومنطقي للقضايا السابقة وما خفي كان أعظم، حيث إن الأيام والشهور المقبلة ربما تكون حُبلى بالمفاجآت التي تؤكد الفساد الذي بات ينخر بشراسة في جسد رياضة الوطن. أخيرا.. وباختصار، رياضة الوطن تحتضر، فالمرحلة المقبلة تتطلب من المسئول الضرب بيد من حديد لتطهيرها من الفساد الإداري والإعلامي لتصحيح مسارها.. أما المنشطات فقد ضربت أطنابها في ملاعبنا الرياضية، فكل ما أُغلق ملف فضيحة فُتح ملف فضيحة مماثلة، وهذا الانزلاق الغريب المُريب من بعض اللاعبين الذين (لطخوا) سمعتهم وأنهوا مسيرتهم الرياضية (ولو مؤقتا) يدل على فقرهم المدقع فكريا وثقافيا ورياضيا كونهم رضخوا لنزوات النفس الأمّارة بالسوء واستجابوا لتلبية رغباتها، وما وصل إليه بعض اللاعبين من انحراف سلوكي حتى وإن لم يلتصق بالمنشطات فإن الأندية والإعلام لها دور في ذلك، فهي لم تؤد رسالتها في هذا الجانب من ناحية التوعية والتثقيف من خلال المحاضرات والندوات والبرامج.. وعندما نتحدث عن الإعلام فقد وصل (بعضه) إلى أقصى مدى في الإساءة والانحطاط اللفظي والفعلي، نتيجة غياب المهنية وانعدام الرقابة الذاتية لدى الإعلامي، الأمر الذي ساهم في إطلاق العنان لفمه وقلمه لطرح ما يحلو له وما تجود به قريحته السقيمة التي طغى عليها التعصب المقيت. وهذا النوع من الإعلام أو ما يسمى (بالطابور الخامس) لا يستحق الثقة التي حظي بها، سيما وأن بعض الجماهير يملك من رزانة الفكر ورجاحة العقل ورصانة المنطق وقوة الحجة وسلاسة الطرح ما يتفوق به على ذلك الإعلامي الذي شاخ وهو يكتب عمودا يوميا أو (يطامر) من قناة إلى أخرى بحثا عن الظهور والفلاشات دون أن يقدم معلومة مفيدة للمتابع. وأنا هنا أزعُم كغيري أن الإعلام الرياضي لدينا قوي، ولكن قوته ليست في طرحه الهادف ونقده البناء، وإنما في دفاعه المستميت عمن يريد ويعشق حد الثمالة، وجلده بغِل وحقد وكراهية كل من يخالفه الرأي أو يقف ضده حتى وإن كان (الضد) على صواب، والشواهد على ذلك كثيرة ولا مجال لسردها. أخيرا.. وباختصار، رياضة الوطن تحتضر، فالمرحلة المقبلة تتطلب من المسئول الضرب بيد من حديد لتطهيرها من الفساد الإداري والإعلامي لتصحيح مسارها..