لدي طفل- في الأول ابتدائي- مايزال يتبول في فراشه. ورغم استعمالنا لأدوية كثيرة متخصصة إلا أنها لم تجد نفعاً. وذات يوم عادت زوجتي من المستشفى ومعها دواء جديد حقق نتيجة مذهلة (من أول ليلة). العجيب هنا أنني- بعد أربعة أو خمسة أيام- قرأت وصفة العقار فصعقت مما وجدت، كان دواء مضاداً للاكتئاب وموجهاً للكبار فقط ولايتحدث عن مسألة التبول اللاإرادي.. عندها ناديت أم حسام ( وهي طبيبة أطفال كما تعرفون) وسألتها بحيرة: ما هذا الذي تعطيه للطفل منذ عدة أيام!؟ قالت: دواء اتضحت فائدته بالصدفة لمثل هذه الحالات؟ قلت: ولكنه يدخل ضمن الأدوية النفسية؟ قالت: اطمئن فهو- لسبب ما - يمنع التبول اللاإرادي لدى الصغار.. استغربت فعلاً- ولكنني عدت وسألت: وكيف علمت أنه يمنع تبول الأطفال، فالوصفة لاتتحدث عن ذلك؟ قالت: هذا أمر لاحظناه في المستشفى- ثم إنه مكتوب في الوصفة ضمن الآثار الجانبية للدواء (وهو مافاتتني قراءته سابقاً).. ورغم اقتناعي برأيها إلا أنني بقيت خلال الأيام التالية أراقب تصرفات الطفل بحذر (هل يبدو مثلاً سعيداً أكثر من اللازم!؟) ولكنني لم ألحظ تغيّراً يذكر!! والآن راجع معي هذه المفارقات: نتحدث هنا عن عقار صنع لمعالجة حالة نفسية شائعة/ ثم اتضحت فعاليته في السيطرة على التبول اللاإرادي/ ورغم أن الشركة «وضبته» للكبار/ إلا أنه لا يؤثر على الصغار!! هذا العقار ( الذي يباع في صيدلياتنا بلا وصفة طبية) مجرد نموذج لعقاقير كثيرة صنعت أساساً لمرض معين ثم بعد فترة اكتشفت فعاليتها لأمراض أخرى. وما يحدث هنا أن أي دواء نتناوله سرعان ما يسري عبر الدم ويذهب الى (جميع) أعضاء الجسم. وكما أن انتشاره في الجسم يسبب آثاراً جانبية سالبة (بسبب ذهابه لأعضاء سليمة لاتحتاجة) قد يؤدي أيضاً الى شفاء أعضاء أخرى تعاني من مشكلة مختلفة.. فالاسبيرين مثلاً يتناوله الناس ضد الصداع وارتفاع الحرارة ولكن خلال تاريخه الطويل لاحظ الأطباء فائدته في علاج سرطان القولون ومنع تجلط الدم والإصابة بالذبحة الصدرية! وفي الحقيقة سبق أن كتبت مقالاً عن هذه الفكرة قبل أربع سنوات ( تحت عنوان أدوية لغير أغراضها الرسمية) ومنذ ذلك الحين أصبحت مهتماً بهذا الموضوع لدرجة كنت- كلما صادفت معلومة جديدة- أقصها وأدبسها مع المقال السابق. وفي بداية هذا الشهر فقط قرأت خبراِ مفاده أن الأطباء في مستشفى جون هوبكنز (في بلتمور) اكتشفوا فائدة الفياجرا في أمراض القلب فهذه الحبة التي تعمل على تضخيم ال(...) لدى العاجزين جنسياً (تمنع تضخم القلب) المسبب لوفاة الملايين كل عام. وتقوم الفياجرا بهذا الدور- الذي اكتشف بالصدفة- من خلال حجز أنزيم خاص يسبب تضخم القلب وارتخاء الصمامات وبالتالي هبوط وتوقف الدورة الدموية (حسب صحيفة