يقول فايز السريحي وبقعا مال لحلواه مقار(1) تبيد بالعباد ولا تبيد ويجي مع كل فج إلها مغار(2) فلا ياليت لي غينٍ ضليل ومعها هجمةٍ حد الخضار(3) ابيد كل مبذولٍ نسوس كبير الرأس نابية الفقار(4) البل وا حلوها لولا بلاها اركيبٍ يقضبون إله الغتار(5) يجونها مع الغتار عن البيان ولا قربوا لها جوها اجهار(6) عدوي يوم تقفي هي حلاله مع قومٍ بعيدين الديار(7) نبي البل لاصاح الصياح وخيلٍ سبقٍ وإلها كرار(8) على أهلها مصانيم الدروع ولبسٍ من تفانين التجار(9) مع كل ابلجٍ سمح الكعوب وعكفٍ كنه أذيال العشار(10) مع صبيانٍ يفكون الوسيق إلى من ازرق البارود ثار(11) قم ارتحل عن دار الهوان ترى الله ملفٍ دار الخطار(12) على ضمرٍ حاضراتٍ للربيع يضعفن لي ما لم الوسار(13) اعجابٍ انجابٍ يبجن الفجاج لا الليل فوق الهلال استدار(14) هجاهيجٍ كأزوال النعام يصبحن بدارٍ ويمسن بدار(15) ألا يا الأخلاء يا ناصحين اشيروا وبناس ومن يشار(16) تلقونه إلنا مقصدٍ بالمديح الا قل لمسمنات الصهار(17) بو كلمة ما لواها مشير الا يلي شور من يستشار(18) بو منسفٍ للهجافى مقيم جماها كما خيمةٍ في قرار(19) بالأرز صفت وشحم الكباش وسمن مع كوم رخم الفقار(20) طبابيخ مجده بهم شارتين نهاره كليلٍ وليله نهار(21) اقول ذا وهو ساير للحجيج هم سار الندا سايرٍ يوم سار(22) ياجود يا بو جميلٍ لا غبت بخلوا شيوخ ومار(23) شفي مع بو حسين الاريخذ افجح ووجهه مدار(24) فهو كما اكبد كما راس البعير وفوق المنامن جميع الحرار(25) قصير الدوارج عريض البنان كمتاح بيرٍ لجاله بغار(26) وعينين سودٍ مالن ناظريه وراسٍ جميلٍ مرارٍ يدار(27) كنه الما قنص به مقوي له ثلاث بخط ربيب بوحده قفار(28) شاف الحباري تطاير رعاب بدا به سطارٍ وهو به سطار(29) كنه الا حل عنه السبوق وفاخته الكف عجل وطار(30) كا قنو عيطا لجت بالنجوم فاة حدب البراجم بلي قرار(31) اتبعالبر عينه ودربا ثمان وعشرين لا الريش غاد نثار(32) الحق الديم عينه ودربا ثمان عادته بالنسر من سواه لسمار(33) قامت الحباري تزاحف ما تطير تتقي بالكلا والحصا والحجار(34) وقضبوه وهو ما بلع باقي هواه منه جل الحواويم تبغا الفرار(35) ليس هذا الفعل ببتعٍ من ناصر عند صفق الملابيس يوم الغوار(36) يوم هزٍ وكزٍ ودز والبلنزا تكسر بجرد المهار(37) ثم صلى الله على سيد قريش ما لعا الورق لورق في عالي وطار (38) الشاعر: جاء في تقديم النص عند هوبر"مقال السريحي ببن عريعر" ووسم النص في البيت الأول يدل على أن اسمه فايز "فايز السريحي". دراسة النص: تدخل الراوي في تغيير مفردة أو جملة أو أن يضيف بيتاً على نص شعري فهذا أمر معتاد وكثيراً ما يمر علينا في تحقيق النصوص الشعرية والمقارنة بين الروايات، ولكن أن تجد نصاً مدوناً في مخطوط وهو في حقيقته عبارة عن نصين ويتم تداوله ونقله على أنه نص واحد ودون أن ينتبه لذلك باحث أو مدون فهذا مما يثير الاستغراب فعند التدقيق في النص الذي أعلاه نجد أن القافية واحدة ولكن هناك عدم انضباط في الوزن بين النصف الأول من النص والنصف الثاني فهناك وزنين مختلفين نظمت عليها الأبيات، وعند تفحص السياق المعنوي وتسلسله وجدت أن هناك موضوعين مختلفين يتضمنهما النص ولا رابط بينهما بل أن كل موضوع يرتبط في تسلسل سياقه المعنوي بأبيات على بحر شعري مختلف عن الآخر. إذاً نحن أمام نصين مختلفين خلط بينهما الناسخ ونقلها من أتى بعده دون تدقيق، وقد نجد العذر للناسخ الذي لا يفقه في الشعر أنه ربما نقل عن نسخة غير واضحة أو مخرومة فكان تشابه القافية سبباً لخلطه بين نصين مختلفين. فقد ورد النص في مخطوط هوبير وهو من أقدم مخطوطات الشعر الشعبي التي حصل عليها من الجزيرة العربية، وننشر النص كما رسم في المخطوط دون تصحيح مفرداته وسأخصص لتصحيحه مقالا مستقلا فيما بعد، والنص جاء في ثمانية وثلاثين بيتا بدأت بهذا: يقول فايز السريحي وبقعا مال لحلواه مقار ونلاحظ ان الوزن مختل في الشطر الأول أما البيت الثاني والثالث والرابع: تبيد بالعباد ولا تبيد تبيد بالعباد ولا تبيد ويجي مع كل فج إلها مغار فلا ياليت لي غينٍ ضليل ومعها هجمةٍ حد الخضار ابيد كل مبذولٍ نسوس كبير الرأس نابية الفقار نجدها منضبطة الوزن والشطر الثاني من البيت الأول يتفق معها في الوزن، وهو بحر الهزج بتكرار مفاعيلن ثلاث مرات وحذف السبب الخفيف من التفعيلة الأخيرة وفي الشعر الشعبي هو لحن قصير من اللحن الشيباني الذي تكرر فيه مفاعيلن أربع مرات، وهذا اللحن قليل الاستخدام ولكن هذا النص يدل على قدم النظم عليه، اما السياق المعنوي فيتحدث عن أمنيات الشاعر بتملك مزرعة فيها الأشجار الكبيرة المتشابكة الأغصان وكذلك يتمنى قطيعاً من الإبل يرعاها وقت الربيع ولكنه يخاف أن يأتي عليها ركباً من الغزاة يتبعون مسالك بعيدة عن الأنظار إلى أن يصلوا هدفهم وعند ذلك يظهرون للعيان ويهجمون على الإبل جهاراً نهاراً فيحوزونها غنيمة لهم، وهذه حالة سيئة لا يتمنى الشاعر أن يعيشها صديق بل يتمناها لعدو تؤخذ إبله من هؤلاء الغزاة القادمين من ديار بعيدة، ليؤكد أن امتلاك الإبل والمحافظة عليها عندما تطلق صيحات الاستغاثة من الرعيان يحتاج إلى فرسان على خيولهم التي تثير الغبار ويلبسون الدروع الحديدية وفوقها الجوخ ومعهم الرماح الطوال و السيوف التي يشبهها بأذيال الإبل العشار ورماة شجعان يصدون الغزو عندما يثور دخان البارود. ونتوقف عند البيت الحادي عشر لنجد أن البيت الثاني عشر يبدأ فيه الشاعر بالحديث عن مغادرة البلد الذي يشعر فيه بالذل ويخاطر بالذهاب إلى غيرها ففي ذلك قد يكون خيراً أراده الله له وهذا أسلوب يتبعه الشعراء القدماء كمطلع نص جديد مثل الشاعر عامر السمين في قوله: قم أيها الرجل المقل المعدمي فالعجز باب مذلةٍ لو تعلمي قم قام ناعيك ان اقمت بمنزلٍ تخشى به انك تستهان وتهظمي أما وزنه فمضطرب وكذلك وزن البيت الثالث عشر ولكنه يتسق معه في تسلسل السياق المعنوي أما البيت الرابع عشر فيتسق في سياقه المعنوي مع الثاني عشر والثالث عشر ووزنه منضبط ورسمه واضح لا لبس فيه ولكن وزنه مختلف عن بحر الهزج: اعجابٍ انجابٍ يبجن الفجاج لا الليل فوق الهلال استدار وعند التدقيق نجد أنه على بحر المتقارب الذي تكرر فيه تفيعلة فعولن ثلاث مرات وهو طرق قديم في الشعر الشعبي نظم عليه الماجدي بن ظاهر وهذا النص دلالة أخرى على شيوعه في القرن العاشر الهجري كما سيتبين معنا. (يتبع)