سوهجت بي من هلي صوب البوادي كل يومٍ لي بضاحي أو بوادي أحسب انهم ان تلافوا منزلٍ به مجالٍ او مقام او معادي ما درينا أنها تشلح بهم عوج الارجل في شقا طرقٍ بعادي كل يومٍ بالضحى شدوا ومدوا والمسا بين المثلث والمبادي كل ما قلت الركاب توجهت للمسير اللي يقربني بلادي صدهم عن نوهم علمٍ لفا لا بقا علمٍ وهام ولا وكادي وابدلوا عن نوهم بتزاولٍٍ وانضفافٍ وازورارٍ وبصدادي ثم سوهجت الجمال بحيهم مادروا والبين وين انهم غوادي عدت مثل شاربٍ ساهيٍ او كما المسحور مجذوب الفوادي مثل شلوان بيسرٍ مولع بالقنص ولع وامسى الطير غادي يوم قوضت الجهامة كنها واذكر الباري لكتفان الجرادي مقتفين متوجٍ يا طال ما أونس الأضداد من حمله ضهادي شد من جو الدفينه صايلٍ مثل حرٍ فاكر بالصيد عادي ووردوها نقع طلحه بعدما مسها سير الضواحي والجمادي وانتحت بعد الورود صوادرٍ كالحجيج مغاولٍ قبل التفادي وانتحت الاسلاف تتلي ميمرٍ مثل ورادٍ لهن القيظ حادي فوق هجنٍ كنهن نعايمٍ يجتررن أرسان زينات المقادي فوقهن كالارجوان ظعاينٍ او كما حملات شداد ابن عادي بزلٍ يحملن ارباب الحيا مثل محارٍ وبه حصٍ يفادي خفرهن لا شرعن فوارعٍ من تجهلهن ديران المعادي تالياتٍ ميمرٍ يسقى العدى حنظلٍ من فعل كفه ما أزادي طلعت القصار صالوا صولة بعدما أشفى الهدان على النوادي ثم قوضت الجهامة كنها مزنة يشبه بها حس النوادي يوم بان الصبح ثم تعزلوا المثاري والكمي من العوادي ثم دنو للطراد سلاهبٍ كالوحوش مقطمراتٍ بالعدادي ثم صبحهم برقطاً كنها زلزلت حشرٍ بها الأرض ارتعادي مخطوط قصيدة ابن بسام الشاعر: جاء في تقديم النص "قال بن بسام يمدح سعدون يافد إليه" فلا نعرف من اسمه سوى أنه ابن بسام فقط ومن معرفة زمن الممدوح نجد أن الشاعر ولد في أواخر القرن الحادي عشر وعاش مطلع القرن الثاني عشر الهجري. مناسبة النص: جاء في تقديم النص أن الشاعر يمتدح سعدون ويفد إليه ومن دلائل النص أن سعدون من بني خالد وهو أمير هجر ويذكر ابن لعبون في تاريخه أن سعدون بن محمد بن غرير آل حميد تولى هجر عام 1103ه ويرد في النص ما يدل على أن سعدون كان نازل الدفينة في نجد في قوله: شد من جو الدفينه صايلٍ مثل حرٍ فاكر بالصيد عادي وانه قصد جلديه وأجا وهي مواضع قرب حائل في قوله" بين جلدية واجا واشفا البلادي" وقد ذكر ذلك في التواريخ النجدية عام 1134 ه وهذا يحدد زمن النص بدقة. دراسة النص: ورد النص في مخطوط لجامع مجهول بحوزة الذكير ويبلغ عدد أبيات النص سبعة وثلاثين بيتاً ويعد هذا النص أقدم نص وصل إلينا على طرق الهجيني الذي يغنى على ظهور الإبل وهنا نجد ان قافية الصدر مهملة وهذا يمثل الشكل الأول للهجيني قبل أن يأخذ الشكل الذي يكون للصدر قافية وللعجز قافية مختلفة، وقد بدا الشاعر قصيدته بأنه منذ أن سار من أهله قاصداً البادية فهو يعيش متنقلاً لا يقر له قرار فمرة في مفازة ومرة في بطن وادي. وقد كان يظن أن هؤلاء البدو إذا نزلوا في منزل لن يغادروه ولم يكن يعلم أنهم من أجل الإبل يقطعون هذه الديار البعيدة،في صباح كل يوم يهدمون خيامهم ويرتحلون إلى مكان آخر، وكلما أعتقد الشاعر أنهم يقتربون به من دياره صرفهم عنها خبراً جديد صحيح وكاذب ما يجعل القوم يفدون زرافات للاجتماع ويعقدون مجالس التشاور السرية ثم ما لبثت أن حملت الجمال بيوت الحي مرتحلة الى جهة لا يعلمها الشاعر ويصف حيرته وحالته تلك بحال المخمور او المسحور الذي لا يدرك ما يدور حوله، وبأنه كالشلو وهو بقايا من الفريسة التي يقوم الصقار المولع بالصيد بربطها في حبل ويلوح بها في الهواء للفت انتباه طيره الذي فقده في آخر النهار. ثم يصف ارتحال الحي وكثرتهم وكأنهم أسراب الجراد المنتشر، وهم يتبعون أميرهم الذي طالما هاجم الأعداء وأوقع بهم، ثم يحدد المكان الذي كانوا يقيمون فيه وهو (جو الدفينة) والدفينة مورد ماء في عالية نجد، وأن الأمير انطلق من الدفينة غازياً وكأنه الصقر الحر الذي يهجم على فرائسه، وقد مروا في طريقهم على (نقع طلحه) وهو اسم أحد المنخفضات الطبيعية في الأرض التي تجتمع فيها مياه السيول وربما يقصد ما يعرف الآن بغدير أبو طلحة، وأنها قد تعبت من المسير في الصحراء والأرض الوعرة. ثم أن الجموع الغازية غادرت بقيادة الأمير سعدون متجهة نحو هدفها ويشبهها الشاعر بالإبل التي أدركها في الصيف الظمأ فانطلقت مسرعة نحو مورد الماء، ويصف الغزاة يعتلون ظهور نجائب الإبل وقد ربطوا فيها أرسان الخيل التي تمشي خلفها حتى لا يرهقونها وتركب في وقت الغارة، ثم يصف الظعائن ويشبههن بحملات شداد بن عاد دلالة على كثرة الأحمال وثرائها، وأن النساء الجميلات ذوات الخفر والحياء في هوادجهن على ظهور الجمال الضخمة يشبهن اللؤلؤ في المحار الذي يحميه، وكيف أنهن لا يكشفن الغطاء عن رؤوسهن إلا عند الهجوم على الأعداء ليثرن حماسة الفرسان، وكي أنهم في الصباح الباكر قد قسموا الغزاة قسمين أحدهم يقوم بالهجوم على الأعداء والقسم الآخر يختبئ لحماية ظهور المهاجمين، وقد أحضرت الخيل الطوال التي هي أشبه بالوحوش وقد وضعت عليها عدة الحرب. وفي الأخير لقد استطاع الشاعر بمهارة فائقة أن يأخذنا معه في وصف دقيق لحياة البدو اليومية قبل ثلاث قرون من الزمن.